للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ولا أرَاه" بفتح الهمزة. "يحدث وضوءاً بعد الغسل" قال ابن العربي في "العارضة" (١): لم يختلف [٣٤٦ ب] العلماء في أن الوضوء داخل في الغسل، وأن نية طهارة الجنابة تأتي على طهارة الحدث، وتقتضي عليها، ويطهر البدن بالغسل من الجنابة طهارة عامة، وذلك لأن موانع الجنابة أكثر من موانع البول، فدخل الأقل في نية الأكثر وأجزأت نية الأكثر عنه.

ولذا (٢) قال سحنون: إنّ نية الجنابة لا تغني عن نية الحيض في طهارة الحائض الجنب؛ لأن موانع الحيض أكثر، ولو نوت الحيض طهرت من الجنابة؛ لأنها الأقل.

والصحيح أن ذلك يجزئها كما قال عامة العلماء؛ لأن المعنى في الحدث والجنابة أن محل الحدث دون محل الجنابة، ومحل الجنابة أكثر، فلذلك تضمنه.

قلت: يؤيده أن محل الجنابة جميع البدن، فلذلك وجب غسله، بخلاف الحدث، فمحله أعضاء الوضوء.

قال (٣): ليس لأن موانعه أكثر، بخلاف محل الجنابة والحيض، فإنه واحد، فطهارة أحدهما تجزي عن الآخر. انتهى.

قلت: يريد أن البدن كله محل حدث الجنابة والحيض، إلا أنه لا يخفى أنه علل في ما سلف قريباً أن موانع الجنابة أكثر من موانع البول فدخل الأقل في نية الأكثر.

وسحنون بين كلامه على هذه العلة، فإن موانع الحيض أكثر، يمنع الجماع وقراءة القرآن زيادة على موانع الجنابة، ولكنه عدل ابن العربي عما علل به أولاً إلى علة أخرى، وهي اتحاد محلية الغسل، وهو البدن بخلاف محلية البول والجنابة، فلو علل بهذه في دخول الطهارة عن الحدث


(١) (١/ ١٦٢).
(٢) ذكره ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (١/ ١٦٣).
(٣) ابن العربي في "العارضة" (١/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>