للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيهما: أنه كان بينه وبين أصحابه من كمال الأنس وكمال الود والصفاء ما لا يحتمل زيادة بالإكرام بالقيام، فلم يكن في القيام مقصود، وإن فرض للإنسان صاحب بهذه المثابة لم يحتج إلى القيام.

واعترضه ابن الحاج بما فيه طول إلاّ أنه اعتراض ناهض.

ثم ذكر ابن الحاج من المناسبة التي تترتب على استعمال القيام أنّ الشخص لا يتمكن فيه من التفصيل بين من [يحل] (١) إكرامه، وبره كأهل الدين والخير والعلم؟ أو يجوز كالمستورين، وبين من لا يجوز كالظالم المعلن بالظلم، أو يكره كمن لا يتصف بالعدالة وله جاه؟

فلولا اعتقاد القيام ما احتاج أحد أن يقوم لمن يحرم إكرامه أو يكره، بل جرّ ذلك إلى ارتكاب النهي لما صار يترتب على الترك من الشر.

وفي الجملة: متى صار ترك القيام يشعر بالاستهانة أو يترتب عليه مفسدة، امتنع وإلى ذلك أشار ابن عبد السلام (٢).

ونقل ابن كثير في تفسيره (٣) عن بعض المحققين التفصيل فقال: المحذور أن يتخذ ديدناً كعادة الأعاجم كما دلّ عليه حديث أنس، وأمّا إذا كان لقادمٍ من سفر أو لحاكم في محل ولايته فلا بأس.


= عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تطروني كما أُطري عيسى ابن مريم عليه السلام، فإنما أنا عبد الله, فقولوا: عبد الله ورسوله".
(١) كذا في (أ. ب) والذي في "الفتح" يستحب.
(٢) ذكره الحافظ في "الفتح" (١١/ ٥٤).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (١١/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>