للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك إلا عنها؛ لأن الذين يروون ذلك عنها حفّاظ أثبات: القاسم بن محمد، وعروة، والأسود، ومسروق، ونظرائهم.

قال (١): وقد أجمع العلماء على أن [لا حدَّ ولا] (٢) شيء مقدر في صلاة الليل وأنها نافلة، فمن شاء أطال القيام فيها وقلّل ركعاته، ومن شاء أكثر الركوع والسجود. انتهى.

واعلم أنه لم يقع البيان في كيفية صلاة هذه الركعات الثلاث عشرة والتسع، هل موصولة أو لا؟ إلاّ أنه قد ثبت حديث: "صلاة الليل مثنى مثنى" فقيل: المراد أنه يتشهد بين كل ركعتين، قال هذا الحنفية.

ولكن عند مسلم (٣) من حديث عقبة [٢٦٠ ب] بن حريث قال: "قلت لابن عمر: ما مثنى مثنى؟ قال: يسلم من كل ركعتين"، وراوي الحديث أعلم بالمراد منه، وما فسره به هو المتبادر إلى الفهم؛ لأنه لا يقال في الرباعية مثلاً أنها مثنى.

واستدل [٥٢٣/ أ] بالحديث على تعين الفصل بين كل ركعتين من صلاة الليل.

قال ابن دقيق (٤) العيد: وهو ظاهر السياق بحصر المبتدأ في الخبر، وحمله الجمهور على أنه لبيان الأفضل، لما صح من فعله - صلى الله عليه وسلم - بخلافه, ولم يتعين أيضاً كونه لذلك، بل يحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخف، إذ السلام بين كل ركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوقها، لما فيه من الراحة غالباً وقضاء ما يعرض من أمر مهم.

ولو كان الأصل لبيان الجواز فقط، لم يواظب - صلى الله عليه وسلم - عليه، ومن ادعى اختصاصه فعليه البيان.


(١) ابن عبد البر في "الاستذكار" (٥/ ٢٤٤ رقم ٦٦٢٧).
(٢) سقطت من (ب).
(٣) في "صحيحه" رقم (١٥٩/ ٧٤٩).
(٤) في "إحكام الأحكام" (٢/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>