للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته".

أقول: عسى (١) تأتي للترجي والإشفاق، وهي هنا للإشفاق، والأرِيكة: السرير في الحُجلة، وهي بالتحريك تكون كالعهن يستر بالثياب، وبها أراد كبار، ويجمع على حجال، ولا يسمى منفرداً أريكة. وقيل: هو كلما اتكأ عليه ويقال: أوشك إذا أسرع وقرب إيشاكاً. أي: لقرب رجل يقول هذا القول، لكنه لا يقوله إلا مترف قاعد في بيته في حجلته لا يطلب العلم ولا يسأل عنه.

وقوله: "فإنما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما حرم الله" أي: وما حلله كما حلل الله، وإنما اقتصر على أحد الأمرين للعلم بأن مقابلة مثله إذ لا يكون قوله - صلى الله عليه وسلم - حجة في التحريم دون التحليل، وخص التحريم؛ لأنه المخالف للأصل إذ الأصل في الأشياء الحل، والحديث مأخوذ من قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٢)، ومن قوله: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (٣)، ومن المعلوم يقيناً أن الأحكام المأخوذة من السنة يجب العمل بها.

قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي":

قلت: وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. انتهى.

قوله: "وذكر بمعناه" ولفظه جميعاً: "ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه, ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: "عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا لا يحل".


(١) انظر "النهاية" (١/ ٤٠) و"القاموس المحيط" (ص ١٢٠٢).
(٢) سورة الحشر الآية: (٧).
(٣) سورة الأعراف الآية: (١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>