لبني أميّة، وأي شموس هذه؟ وما هذا الإبهام حيث لا يحسن إلا التصريح والتوضيح؟ يأتي بعد ذلك هذا المقطع العجيب:
ربوع الشام ... بروج العلاء
تحاكي السماء ... بعالي السناء
وأرض زهت ... بالشموس الوضاء
سماء لعمرك ... أو كالسماء
أما (بروج العلاء) هذه فتصح في كل أرض يريد أن يبالغ في مدحها القائل، ولا تدل على ميزة للشام ولا تصفها بصفة فيها ولا تعرّف بها الغريب عنها، ولا تحببها إلى أبنائها، فهي كمراثي الأستاذ علي الجارم التي تصلح لغازي وللإسكندر المكدوني وللشيخ المراغي، لأنها تهد الجبال وتبكي السماء، وتقيم القيامة، أو ترسل على الدنيا قنبلة ذرية، لا بحجم البيضة، بل بحجم الفيل، ثم لا تذكر المرثيّ بشيء مما كان عليه. وهذا استطراد نعتذر إلى الشاعر الكبير علي الجارم بك منه، فقد جرته المناسبة.
وما دامت الشام بروج العلاء، وكان ذلك قد تقرر لدى السامع فما معنى كونها تحاكي السماء، وبروج العلاء هي السماء في أفهام الناس كلهم، وهل السماء أسنى سناً من البروج؟ المسألة تحتاج إلى خبير فلكي.
ثم إن الضياء هو السنا بالقصر، أما السناء بالمد فهو الارتفاع، ومن هنا أطلق على المجد مجازاً، فصار معنى قوله:(بعالي السناء) برفيع الارتفاع، وهو الحشو نفسه وهو إذا قبل في القصيدة لا يقبل في النشيد، لأن النشيد كلمات معدودة وألفاظ محدودة، لا يجوز أن يذهب لفظ واحد منها من غير أن يدل على شيء.
وهو بعد أن جعلها بروج العلاء التي تحاكي السماء، عاد فهبط بها فجعلها (أرضاً زهت) ولكن بالشموس الوضاء! وما فهمت إلى اليوم ما يريد بهذه الشموس التي يرددها ولا يشبع من ذكرها، إن كان يريد الحقيقة فهي شمس