للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله (١): "وكان ابن عمر لا يزيد على واحدة في الإقامة"، قال ابن وضاح: يريد لا يقول: قد قامت الصلاة إلا مرة.

وقوله (٢): "لأن المؤذن إمام، ولا يكون من لم يحتلم إماماً"، أي إن الناس يأتمون به في الوقت، ويقبل أهل الأعذار والجهل بالأوقات شهادته في الوقت بأذانه ويقلدونه. ويخرج منه أنه لا يترك للأذان إلا أهل الفضل ومن يُقتدى به ويُقلد قولُه ويوثق بمعرفته (٣). وقد عزل الحارث بن مسكين (٤) - أيام قضائه بمصر - عامة المؤذنين عن الأذان لمثل هذا (٥).

وقوله (٦) في جواز إجارة الرجل يؤذن في المسجد ويصلي بأهله. حمله أكثر المشايخ من القرويين والأندلسيين وغيرهم على أن الإجارة إذا كانت على الأذان والصلاة معاً جازت، بخلاف إذا انفردت على الصلاة (٧). وذهب بعضهم - من الأندلسيين - إلى أن قوله: "ويصلي بأهله"، صلة للكلام وصفة حال، لا أنه أوقع عليه شرط الإجارة؛ لأنه قال في كتاب الجعل: وإنما جوز الإجارة ها هنا لأنه أوقعها على الأذان والإقامة وقيامه على المسجد (٨)،


(١) المدونة: ١/ ٦٠/ ٨.
(٢) في المدونة: ١/ ٥٩/ ٨: قال مالك: لا يؤذن إلا من احتلم، قال: لأن المؤذن إمام ...
(٣) مثل هذا لابن أبي زمنين في تهذيب الطالب: ٤٤ أ، والجامع: ١/ ٨٠، ولابن رشد في البيان: ١/ ٤٨٦. وللخمي تأويل في هذا؛ فأجازه إن كان من أهل الصيانة والضبط. (التبصرة: ٢٦ ب). وأجاز أذانه أبو الفرج في الحاوي كلم في الجواهر: ١/ ١٢٠.
(٤) هو أبو عمرو، سمع ابن القاسم وأشهب وابن وهب، ودون أسمعتهم وبوبها، وبهم تفقه، ومحمد في أكابر أصحابهم، وله كتاب فيما اتفق فيه رأيهم الثلاثة، توفي ٢٥٠. (انظر المدارك: ٤/ ٢٦).
(٥) ذكر المؤلف في المدارك: ٤/ ٣١ عددا من السوابق لهذا القاضي المالكي في مصر، كإخراج أصحاب الشافعي وأبي حنيفة وفض مجالسهم ومنع عامة المؤذنين من الأذان ...
(٦) المدونة: ١/ ٦٢/ ٣.
(٧) عزاها في النكت إلى ابن القاسم، وفي الجامع: ٨٣ لمالك، وذكر إجازة ابن عبد الحكم لها.
(٨) في س: بالمسجد لا على الصلاة.