للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما مسلم فقد اشترط السلامة من العيوب بشكل عام، وأضاف في مقدمة كتابه قوله: "وسنزيد إن شاء الله تعالى شرحاً وإيضاحاً في مواضع من الكتاب عند ذكر الأخبار المعللة إذا أتينا عليها في الأماكن التي يليق بها الشرح والإيضاح إن شاء الله تعالى." (١)


(١) مسلم، صحيح مسلم، ١/ ٤. هذا عدا أنه ألّف كتاب التمييز، والذي يذكر فيه أحاديث أخطأ فيها الثقات، مما يدلل على إمامته في علم العلل، واهتمامه ببيان علل الأحاديث، وقد أشاد بذلك ابن حجر في فتح الباري في أكثر من موضع منها:
قوله "وأخرج مسلم حديث ابن علية (١/ ٣٦٨ ح (٢٧٦) (فاقتصر على المتفق على رفعه وحذف الباقي وذلك من حسن تصرفه والله أعلم" ابن حجر، الفتح، ١/ ٤٧٥.
وأشار في موضع آخر، أثناء شرحه لحديث جرّ الثوب خيلاء، بأن مسلماً أخرج الحديث من رواية ابن عمر، وأن الترمذي زاد فيه قول أم سلمة فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ فقال يرخين شبرا ... " فعقّب ابن حجر بقوله: "وقد عزا بعضهم هذه الزيادة لمسلم فوهم، فإنها ليست عنده، وكأن مسلما أعرض عن هذه الزيادة للاختلاف فيها على نافع". المرجع السابق، ١٠/ ٢٥٩.
وللأستاذ محمد عوّامة بحثان يُظهِر فيهما شيئاً من منهج الإمام مسلم في إعلاله للأحاديث: الأول بعنوان: من منهج الإمام مسلم في عرض الحديث المعلل في صحيحه، والثاني بعنوان: حذف طرف من الحديث الواحد اختصاراً له أو إعلالاً، وذكر في الأول أن للإمام مسلم منهجاً فيما إذا أخرج بعض الأحاديث على وجه فيه بعض الشيء، فله طريقتان في ذلك: الأولى وتكون في الأسانيد: وهي طريقة الأصول أو الاحتجاج ثم المتابعات أو الشواهد، فيذكر الأصل والحجة أولاً ثم قد يُتبعه بمتابع أو شاهد، أو بهما معاً وفي بعض رجاله كلام.
والطريقة الثانية (وتكون في المتون): قد يذكر أول الباب حديثاّ في لفظه بعض الشيء، ثم يُتبعه باللفظ السليم، وينبّه إلى الفرق بين اللفظين أو محل الوهم.
فمن أمثلة الطريقة الأولى: ما أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإيمان، باب مخافة المؤمن أن يحبط عمله من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، أنه قال لما نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: ٢] إلى آخر الآية، جلس ثابت بن قيس في بيته، وقال: أنا من أهل النار، واحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ، فقال: «يا أبا عمرو، ما شأن ثابت؟ اشتكى؟ » قال سعد: إنه لجاري، وما علمت له بشكوى، ... )) ثم رواه عقبه من طريق جعفر بن سليمان، بنحو حديث حماد، وقال: "وليس في حديثه ذكر =

<<  <   >  >>