للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه.

٢ - تفرد الثقة بما لا أصل له ولا متابع.

٣ - تفرد الشيخ (وهو ما دون مرتبة الثقة) بما لا متابع له.

وبالرغم مما قد يظهر من اختلاف في تعريف الأئمة للشذوذ والحديث الشاذ؛ إلا أنهم شبه مجمعين على أن مخالفة الراوي للثقات - وإن لم يُطلق عليها بعضهم وصف الشذوذ- فهي مؤثرة وقادحة في صحة الحديث؛ لذا فإن أغلب من سبق ابن الصلاح اشترط لثبوت الرواية: ضبط الراوي، وعدالته، وعدم وقوع الوهم منه، وعدم مخالفته للثقات، وغير ذلك من الشروط والصفات التي تدل على ضبط الراوي وإتقانه، وإن لم ينصّوا على نفي الشذوذ بلفظه.

بينما غالب تعريفات من جاء بعد ابن الصلاح تضمنت نفي الشذوذ في حد الحديث الصحيح، وأشاروا إلى أن المراد بالشذوذ هنا هو المخالفة؛ حيث رجّح ابن القيم (١) تعريف الشافعي للشاذ فقال: "إنما الشذوذ: أن يخالف الثقات فيما رووه فيشذ عنهم بروايته، فأما إذا روى الثقة حديثا منفرداً به- لم يرو الثقات خلافه-: فإن ذلك لا يُسمّى شاذاً، وإن اصْطُلِح على تسميته شاذاً بهذا المعنى لم يكن هذا الاصطلاح موجبا لرده ولا مُسوّغاً له." (٢) يُشير بذلك: إلى أن إطلاق وصف الشذوذ على تفرّد بعض الثقات برواية

ما لا يُتابع عليه لا يؤثر على صحة الرواية، إنما يؤثر عليها فيما إذا أثبت الراوي عن شيخه شيئاً، فنفاه من هو أحفظ أو أكثر عدداً، أو أكثر ملازمة منه. قال السخاوي: "والمحدثون


(١) محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزّرعي ثم الدمشقي الفقيه الحنبلي, شمس الدّين أبو عبدالله, المجتهد المطلق، المفسّر النّحويّ الأصولي، المتكلم, الشهير بابن قيم الجوزية. ألّف تصانيف كثيرة منها: (إعلام الموقعين) و (زاد المعاد) و (مدارج السالكين) وغيرها. مات سنة ٧٥١. ينظر: ابن العماد, الشذرات, ٨/ ٢٨٧. الزركلي, الأعلام, ٦/ ٥٦.
(٢) ابن قيم الجوزية، إغاثة اللهفان، ١/ ٥٢٢.

<<  <   >  >>