للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويلتحق بذلك ما إذا كان الراوي من أهل بلد عرف أهله بكثرة الإرسال، وقد توارد عدد من الأئمة على وصف أهل الشام بذلك، فإن الإرسال يغلب على رواياتهم، قال أبو عوانة: "كنا يوماً عند الحكم فذكر حديثاً ليس بمسند، فقال: ليس هذا من بابة شعبة، قال: فقال شعبة: لا ينبغي أن تروي عن الشامي كثيراً" (١).

- ومنها أن يروي الراوي عن شخص أحاديث كثيرة، ولا يذكر في واحد منها سماعاً أو ما يدل عليه، فإن الأئمة يستدلون بذلك على أنه لم يسمع منه، كما قال أبوحاتم: "يحيى بن أبي كثير ما أراه سمع من عروة بن الزبير، لأنه يُدخل بينه وبينه رجل أو رجلان، ولا يُذكر سماع، ولا رؤية، ولا سؤاله عن مسألة" (٢).

والباحث في أحيان كثيرة يحتاج إلى النظر في القرائن، إذ تكون القرينة نفسها قد وقع فيها اختلاف، أو لم تتحرر كما ينبغي، فالباحث حينئذٍ ملزم بالنظر في ذلك، وهذا كما إذا كان هناك خلاف في وفاة المروي عنه، أو في ولادة الراوي، أو في صحة وضعف دخول واسطة بين الراوي والمروي عنه.

فمن ذلك أن سماع مسروق من أم رومان والدة عائشة - رضي الله عنهما - مختلف فيه، وسببه الاختلاف في وفاتها هل كان قبل موته - صلى الله عليه وسلم - أو بعده؟ ، وأيضاً


(١). "العلل ومعرفة الرجال" ٣: ٤١٥، وانظر أيضاً: "الجامع لأخلاق الراوي" ٢: ٢٨٧ - ٢٨٨، و"سير أعلام النبلاء" ٤: ٣٥٥، ٤٨٨، و"تاريخ الإسلام" وفيات سنة ٧٠ ص ٢٩١، و"ميزان الاعتدال ٤: ٤١٠.
(٢). "المراسيل" ص ٢٤٢.

<<  <   >  >>