مثال ذلك ما تقدم ذكره عن ابن رجب في تعليقه على جواب أحمد حين سئل عن سماع أبي ريحانة من سفينة، وقوله:"ينبغي، هو قديم، قد سمع من ابن عمر"، علق عليه ابن رجب بقوله:"لم يقل إن حديثه عن سفينة صحيح متصل، إنما قال: هو قديم، ينبغي أن يكون سمع منه، وهذا تقريب لإمكان سماعه، ليس في كلامه أكثر من هذا".
وهذا التعليق صحيح لا إشكال فيه، فليس في كلام أحمد هنا أكثر مما ذكره ابن رجب، فإذا وقفنا على كلام آخر لأحمد في إثبات السماع أو في نفيه فهذا قدر زائد على هذا النص، يفسر به، وكذلك لو وقفنا على تصريح بالتحديث من أبي ريحانة، والظن الغالب أن أحمد قد وقف عليه واستحضره في الجواب - فهذا يفسر به كلام أحمد أيضاً، وأن مراده إثبات السماع بالأمرين.
وتصريح أبي ريحانة بالتحديث عن سفينة موجود عند أحمد في "مسنده"(١).
وقد نظرت في النصوص التي استدل بها جمع من الإخوة الباحثين على أن النقاد يكتفون بالقرائن لإثبات السماع، فرأيتها لا تخرج عما تقدم، فهي إما لتقريب السماع، أو لتأييد تصريح بالتحديث قد ورد، وسقت فيما مضى آنفاً بعض هذه النصوص التي يستدلون بها، وسأذكر الآن مجموعة أخرى من هذه النصوص وأتكلم عليها، ولولا خشية الإطالة لسقت كافة ما وقفت عليه، ولكني أكتفي ببعضها ليستدل بها على ما وراءها.
فمن ذلك قول علي بن المديني: "قلت ليحيى بن سعيد: بسر بن سعيد لقي