ووجه الآخر: قالوا: قول الصحابي ليس بقول النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة. فلا يجوز إضافته إليه بالظن والتخمين، لأن الله تعالى قال:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}.
الجواب: أنا نضيفه إليه بغلبة الظن، كما نضيف إليه خبر الواحد ظناً لا يقينا، والآية وردت فيما طريقه (العلم) لا ما طريقه (الظن).
(فإن قيل): لو كان عندهم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك توفيقاً، لنقلوه مع قوله عليه السلام:"رحم الله من سمع مقالتي فأداها"، مع قوله:"من كتم علما يعلمه ألجم بلجام من النار".
الجواب: أنه يحتمل أنهم رووه ولم يبلغنا، ويحتمل أن يكونوا كرهوا الرواية، فإن جماعة منهم كانوا يكرهون ذلك.
(فإن قيل): يجوز إن الصحابي برأيه، ولا يكون عنده في ذلك خبر، بدليل أن عمر رضي الله عنه كان يفاضل في دية الأصابع، حتى أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"في كل إصبع مما هناك عشر من الإبل" فرجع عن قوله، ولم يكن عنده في ذلك توقيف.