الجواب: أن المصالح وإن كانت معتبرة في الشرعيات، فالمضار والمنافع هما المعتبران في العقليات والمعاملات، لأنا إنما نقصد بما نفعله تحصيل المنافع، والخلاص من المضار، كما نقصد بالشرائع تحصيل المصالح، فإذا قام غالب الظن في المنافع والمضار العقلية مقام العلم، مع تجويز كذب المخبر، فكذلك غالب الظن بصدق المخبر في الشرعيات، (فلو جاز أن لا نقبل خبر الواحد في الشرعيات)، لجواز كذب المخبر فيكون ما (أخبر به) مفسدة، لجاز أن لا نقبل خبر الواحد في العقليات، (لجواز) كذب المخبر، فتلحقنا المضرة في اتباعه، على أن قوله:"لا نأمن أن يكون المخبر كاذباً فنكون باتباعه فاعلين المفسدة"(يوجب) أن نقول بقبح ورود (الشرع) بقبول خبر الواحد، لأن (فعل) لا يؤمن كونه مفسدة قبيح، ولم نقل ذلك.
واحتج: بأن العمل على غالب الظن في دفع المضار في الدنيا، هو الأصل للعمل على العلم بدفع المضار، لأن أمور الدنيا المستقبلة غير معلومة، وإنما هي مظنونة، بخلاف أمور الدين، فإن المظنون منها لا يقال هو أصل للمعلوم.