تجنبه، لما ذكرنا من علمنا في الجملة بوجوب دفع المضار، وأن خبر الواحد (أوقع) لنا ظناً: أن في هذ الفعل مضرة، إذ لو لم نظن، أن في الفعل مضرةلم يجب علينا تجنبه، فعلم أن العلة ما ذكرنا.
فإن قيل: إنما وجب قبول خبر الواحد في العقليات، لأنه من أمور الدنيا، وأمور الدنيا تدبر بالعقل، وأما الشرعيات فلا نعلم مصلحتها بالعقل، فلا تدبر بالعقل.
قلنا: لا فرق بينهما، لأن التحرز من المضار الدنيوية والدينية معلوم بالشرع، والعقل واجب فيهما.
فإن قيل: إنما قبلنا خبر الواحد في العقليات، لأنه يغلب على الظن وصول المضرة (عند مخالفته بخلاف خبر الواحد في الشرعيات، لأنه لا يغلب على ظننا وصول المضرة) إن لم نقبله.
قلنا: لا نسلم، لأن العدل إذا أخبرنا غلب على ظننا وصول المضرة بمخالفته.
فإن قيل:(قد) جرت العادة بنزول المضار فيما ذكرتم من الطريق والحائط بخلاف الشرع.
(قلنا): وقد جرت عادة الشرع بإلزام العبادات، ولا يمتنع في العقل أن يكون ذلك في خبر الواحد.