فإن قيل: النهي يتناول الانتهاء في جميع الأوقات على الدوام، وليس كذلك الأمر فإنه لا يقتضي أكثر من وقت واحد، فليس الوقت الأول بأول من الوقت الثاني فكان جميعها سواء.
قلنا: كونه مما يقع على الدوام لا يمنع من أن ينظر في ابتداء وقوعه هل هو معجل أو متأخر، ألا ترى أن البيع بشرط الخيار يقتضي حصول الملك على الدوام، ثم لا يمنع أن ينظر في ابتداء حصول الملك هل هو عقيب العقد أو يتأخر إلى انقضاء الخيار، وأما قولهم إن الأمر لا يقتضي أكثر من وقت واحد فكونه في وقت واحد لا يمنع أن ننظر في وقت لزومه هل هو أول الأوقات أو ثانيها؟
٢٧٠ - دليل آخر: إن المكلف إذا فعل المأمور به عقيب الأمر سقط عنه الفرض وفعل ما وجب عليه، فعلمنا أن الأمر قد تناول ذلك وهذا يمنع من الإخلال به (لأنه بالإخلال) به يفوت إذا كان ما يقع فيما بعد ليس هو ذلك المأمور به (بعينه) وإنما هو مثله لأن أفعال العباد تختص بالأوقات فما يصح أن يوجدوه في وقت لا يصح إيجاده في غيره، فلم يجز أن يفوت/٢٩ ب المكلف ما (علم) أن التكليف قد تناوله.