واحتج: بأن حمل الناس على مذهب واحد يضيق، وقد قال تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} فيجب أن يحكم بأن الحق في الجميع ليتسع (على الناس).
والجواب: أنا لا نحملهم على مذهب واحد، لأنا لا نقطع بأن ذلك الحق المطلوب في هذا المذهب ثم يجب أن يقال فيما ورد به النص وأجمع عليه الناس: أنه تضييق ويجب أن يخالف ليتسع على الناس، ولأن كون الحق واحداً لتتوفر الدواعي على طلبه، ويكثر الاجتهاد فيعظم الثواب أولى من أن يقال: كل من ظن شيئاً بأدنى اجتهاد كفاه فيما كلف فيسقط البحث والاجتهاد في علل الشرع وحكمته، ثم يجب أن يقال مثل ذلك في أصول الدين طلبا للتوسعة على الناس.
فصل
ولله تعالى على الأحكام دليل من كتاب أو سنة أو قياس خلافاً لمن قال: لا دليل على الحكم سوى ظن المجتهد لنا: قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} فرد إلى الكتاب والسنة ولم يرد إلى الظن.
وأيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: بم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟، قال: بسنة رسول الله.