للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النسخة السلطانية فقد عثرنا عليها في اسطانبول تحت عنوان (تاريخ الأمير عبد القادر) في مكتبة الحاج محمود أفندي التابعة للمكتبة السليمانية ورقمها ٤٧٨٨.

ولد محمد في القيطنة ناحية معسكر، سنة ١٨٤٠، والقيطنة هي مسقط رأس والده أيضا .. وعاش حياته في حضن أمه لأن والده كان مشتغلا بالجهاد على ظهر فرسه إلى ديسمبر ١٨٤٧. وكان محمد طفلا في الثالثة من عمره عندما هربت به أمه من معركة الزمالة الشهيرة مع زوجات قادة الجيش الجزائري، سنة ١٨٤٣. ورغم أنه لم يعش في الجزائر سوى سبع سنوات فإنه ظل يحن إليها ويتغنى بهوائها وترابها وشمسها. ويظهر ذلك في كتابه تحفة الزائر. وبقي محمد مع والده وأمه خمس سنوات في سجون فرنسا، ثم عدة سنوات في بروسة بالدولة العثمانية، ثم استقر بهم المطاف دمشق، سنة ١٨٥٥. وكانت ثقافته وتعليمه على يد والده وصهرهم مصطفى بن التهامي وبعض علماء دمشق. وكان محمد أكبر أبناء الأمير، ولذلك كان رفيقه عند السفر، وموضع ثقته أثناء الحديث، ومهبط سره كلما طرأ طارئ سياسي أو عائلي. وكانت ميوله تشبه ميول والده. فقد اختار، وهو في الشام، الولاء الوطني والولاء العربي الإسلامي، واعتنق مبادئ الجامعة الإسلامية ومال إلى الدولة العثمانية بدل الدولة الفرنسية. ولكنه لم يستطع أن يجند كل إخوته لفكرته، لأن منهم من والى فرنسا مثل الهاشمي وعمر وعبد المالك في أول أمره (١). وقد حظي محمد ومحيي الدين بلقب الباشا من السلطات العثمانية. وشاء القدر أن يعاصر محمد أيضا سقوط السلطان عبد الحميد.

يكشف محمد أنه أقدم على التأليف عن والده بعد إلحاح عدد من وجوه أهل الشام وأعيان العرب والمسلمين، نظرا لمكانة والده وموضعه هو


(١) لم يكن أبناء الأمير العشرة من أم واحدة. ومن الذين والوا الدولة العثمانية محيي الدين وعلي. أما الهاشمي فقد جاء إلى الجزائر وكان ضريرا، وهو والد الأمير خالد الشهير في الحركة الوطنية. وتولى عبد المالك الشرطة الشريفية بطنجة تحت المظلة الفرنسية، ثم ثار على فرنسا سنة ١٩١٥. انظر عن أسرة الأمير فصل المشارق والمغارب.

<<  <  ج: ص:  >  >>