للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثقفين عندئذ، مهما بالغوا في التحرر، كانوا يحمون أنفسهم بالانضمام إلى إحدى الطرق الصوفية، على الأقل، أو التظاهر بموالاة أهل الخير والولاية.

والواقع أن الحفناوي لم يكن يكتب تاريخا في تراجمه، حتى نحاكمه بقسوة على منهجه، كما فعل سعد الدين بن شنب، حين قال إن علم التاريخ لم يتقدم عنده، وإنه كان يسير في خطى مؤرخي العصور الوسطى. فإن كان ابن شنب يعني بذلك كتب التراجم فهو مصيب في دعواه، وإن كان يعني كتابة التاريخ فالأمر هنا مختلف. حقيقة أن الحفناوي قد ذكر الخرافات لبعض من ترجم لهم، وأكثر من الشعر أحيانا، وتوقف عند نقد مصادره، وعدم ترتيبها. ولكن لا حرج على الحفناوي أن يصبح كتابه كتاب أدب بدل أن كون كتاب تاريخ، لأن الترجمة كانت وما تزال تجمع بين الحقلين: الأدب والتاريخ، إضافة إلى علوم أخرى. وقد انتقد ابن شنب من خلال الحفناوي، كل متعلمي الجزائر المعاصرين له في العشرية الأولى من هذا القرن، لأنهم كانوا في نظره بعيدين عن التصور الحقيقي للتاريخ كمنهج ونقد وتحليل. وفي نظر ابن شنب أن المؤرخين (العصريين) بدأوا منذ العشرينات مع ظهور كتاب مبارك الميلي، كما أسلفنا (١).

لكن تعريف الخلف له ميزة بارزة انفرد بها، وهي أنه ظهر في وقت لم


(١) هناك مراجع عديدة عن الحفناوي منها: سعد الدين بن شنب (بعض المؤرخين العرب) في المجلة الإفريقية، ١٩٥٦، والتقويم الجزائري لكحول، سنة ١٩١٢، وأعيان المغاربة لقوفيون، ج ١، ١٩٢٤، وسعد الدين بن شنب (الأدب العربي في الموسوعة الاستعمارية والبحرية في الجزائر والصحراء)، باريس، ١٩٤٦. وكذلك سعد الدين بن شنب (النهضة العربية) في مجلة كلية الآداب، ١٩٦٤، وعبد الرحمن الجيلالي (تاريخ الجزائر العام)، وبحث خديجة بقطاش عنه، وكانت قد نشرته في الأصالة، وبحث رقية شارف (غير منشور)، ١٩٩٣، وقد أعدته تحت إشرافي. وأحمد توفيق المدني (حياة كفاح) ٢/.
أما تعريف الخلف نفسه فقد ظهر جزؤه الأول سنة ١٩٠٦، والثاني سنة ١٩٠٧، وقد وقع تصويره في السبعينات في بيروت دون تنقيح أو إضافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>