الأمر كذلك لكان من أوائلها ربما زاوية أحمد بن إدريس. وزاوية عبد الرحمن اليلولي. فقد كانت شهرتهما واسعة في المنطقة ولكن لكل منهما دوره الخاص. ولنتحدث عن الأولى منهما بعض الحديث. يصف أهل زواوة طلبة زاوية ابن ادريس (١) بالصعاليك أو الأعراب لخشونتهم وخوف الناس منهم. ويعتبرهم البعض من الأشقياء والظلمة الذين تجاوزوا الحدود الشرعية في التعدي والمصادمات. ويبدو أن هناك بعض المبالغات التي تولدت عن عهد الاحتلال. وزاوية أحمد بن إدريس اليوم تقع في دائرة عزازقة ولاية تيزي وزو. وقد ذكرها الرحالة، ووصفوا طبيعتها وطبيعة تلاميذها. ومن الذين فصلوا القول في ذلك هانوتو ولوتورنو اللذان رويا عن أهل المنطقة وشيوخها.
ومما جاء عنهما في ذلك أن هذه الزاوية اشتهرت في كل الجزائر بعادات تلاميذها الغريبة. وهي من الزوايا المستقلة تماما عن كل الزوايا الأخرى. والعادة المشار إليها قديمة قدم مؤسسها الشيخ أحمد بن إدريس الذي كان من العلماء، وهي جعل التلاميذ فرقا من الصعاليك يجلبون المال وغيره من السكان لفائدة الزاوية ولو باستعمال العنف. وكان الشيخ بالطبع يستفيد هو شخصيا من ذلك. وهي تقع في يلولة، قرب قرية آيت علي أو محمد. وتنتسب إلى عائلة زواوية (قبائلية) هي عائلة آل أواقوان، وهي العائلة التي أورثها الشيخ أحمد بن إدريس نفسه اعترافا بخدماتها له. ويتساءل هانوتو ولوتورنو ما إذا كان للأصل غير الديني لهذه الوراثة أثر على ظهور المستغلين، في دعواهما. رغم أن هؤلاء هم أيضا من المرابطين، إذ لا يقبل أي تلميذ في زاوية ابن ادريس ما لم يكن ينتمي إلى أهل الدين.
وتلاميذ زاوية ابن ادريس صنفان: طلبة اللوحة وطلبة الدبوز. أما طلبة اللوحة فهم كغيرهم من تلاميذ الزوايا أو المعمرات في المنطقة، وأما غيرهم فيسمون طلبه الدبوز أو الهراوة، وهؤلاء لا يهتمون بالكتب والدراسة، وإنما