للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقدر الإمكان لاتفاقهما من حيث إن كل واحد منهما ضميراً متصلاً، بخلاف ضربت نفسي فإن النفس بإضافتها إلى ضمير المتكلم صارت كأنها غيره لغلبة مغايرة المضاف إليه فصار الفاعل والمفعول فيه متغايرين بقدر الإمكان، وأما أفعال القلوب فإن المفعول به ليس المفعول الأول في الحقيقة بل مضمون الجملة، فجاز اتفاقهما لفظاً لأنهما ليسا في الحقيقة فاعلاً ومفعولاً به اهـ. لكن ألحق بأفعال القلوب في ذلك رأي البصرية، قال الشاعر:

ولقد أراني للرماح دريئة

والحلمية كقوله تعالى: {إني أراني أعصر خمراً} (يوسف: ٣٦) وقوله: (مع رسول الله) حال من فاعل رأى، ويصح كونها لغواً متعلقاً برأي، وقوله: (ما لنا طعام إلا ورق الشجر) يحتمل أن تكون في محل الحال من فاعل رأى، وأن تكون مستأنفة استئنافاً بيانياً جواباً لكيف كنتم معه، وقوله: (حتى قرحت أشداقنا) غاية لمقدر: أي فأكلناه إلى أن قرحت جوانب أشداقنا جمع شدق بكسر الشين المعجمة كحمل وأحمال، ويقال: شدق بفتح المعجمة وجمعه شدوق كفلس وفلوس (فالتقطت بردة) أي عثرت عليها من غير قصد وطلب، وهي شملة مخططة وقيل: كساء أسود مربع، وقال القرطبي: البردة الشملة، والعرب تسمي الكساء الذي يلتحف به بردة، والبرد بغير تاء نوع من ثياب اليمن (فشققتها بيني وبين سعد بن مالك) هو ابن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة (فاتزرت) بتشديد الفوقية (بنصفها واتزر سعد بنصفها) وفي الترمذي فشققتها بيني وبين سعد كما تقدم، ثم مبادرته بشقها عقب التقاطها كما تؤذن به الفاء، إما لعلمه برضا صاحبها وإما بإعراضه عنها لسقوطها وتمزقها، أو لمعرفته بمالكها فإنه يرضى بذلك، أو كان قبل وجوب تعريف اللقطة (فما أصبح) أي صار (اليوم منا أحد) اسم أصبح والظرف قبله حال منه وكان صفة له فقدم عليه فصار حالاً (إلا أصبح أميراً على مصر من الأمصار) أشار به إلى اتساع الحال عليهم بعد ضيقه أولاً، زاد في آخر الحديث: وسيخربون الأمراء بعدنا: أي ليسوا مثلنا من جهة العدالة والديانة والإعراض عن الدنيا وكان الأمر على ذلك، وأشاروا إلى الفرق بأنهم رأوا معه ما كان سبباً لرياضتهم وتقللهم من الدنيا فمضوا على ذلك وغيرهم ممن بعدهم ليس كذلك، فلا يكون إلا على قضية طبعه المجبول على الخلق القبيح (وإني

<<  <  ج: ص:  >  >>