للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك قولين أحدهما: أن التقدير أسمعتم فعجبتم فالفاء عاطفة على مقدر بعد الألف، والثاني: أن ألف الاستفهام من جملة المعطوف وقدمت لصدارتها لتضمنها الاستفهام، ولما حصل عند الحاضرين من مزيد الرهبة وعظيم الخوف مما سمعوه حتى كادوا أن يظنوا عموم العذاب لجميعهم، أراد رفع ذلك عنهم وإدخالهم في ميدان الرجاء إعلاماً بسعة رحمة الله تعالى وكمال فضلة، فأكد ذلك بالقسم المقدر الدال عليه اللام في قوله: (ولقد ذكر لنا أن ما بين المصراعين) بكسر الميم

تثنية مصراع، ومصراع الباب ما بين عضادتيه وهو ما يسده الغلق كذا في «المفهم» للقرطبي، وفي «المصباح» : المصراع من الباب الشطر وهما مصراعان (من مصاربع الجنة مسيرة أربعين عاما) برفع مسيرة خبر أن، وإذا كان هذا سعة الباب وأبوابها ثمانية وبين كل بابين خمسمائة عام كما تقدم في حديث: «يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام» فما بالك بسعة باطنها ويكفيك في ذلك قوله تعالى:

{وجنة عرضها السموات والأرض} (آل عمان: ١٣٣) والعادة جارية أن الطول أزيد من العرض، فسبحان المنعم المتفضل (وليأتين عليها) أي الجنة (يوم) هو وقت دخولها (وهو) أي المصراع أن محله من الباب (كظيظ من الزحام) وذلك ما يدل على كثرة الداخلين بعموم الرحمة ومزيد الفضل ففي الحديث إيماء إلى أن المكلف ينبغي له أن يكون عنده حال الصحة خوف من مولاه سبحانه ورجاء لفضله إحسانه بقبول ما يعمله من صالح العمل. والزحام بكسر الزاي مصدر زاحمه: أي دافعه (ولقد رأيتني) قال في «أشرف الوسائل» هي بصرية وقوله: (سابع سبعة) حال: أي واحداً من سبعة، قال: لكن قضية قوله: يعني في رواية الترمذي فقسمتها بيني وبين سبعة» أنه ثامن، لكن قوله: أولئك السبعة يدل للأول وأن المراد بقوله سبعة: أي بقية سبعة اهـ. ولا يشكل على كونها بصرية اتحاد ضمير فاعلها ومفعولها وذلك من خصائص أفعال القلوب، وعبارة «الكافية» لابن الحاجب، ومنها: أي خصائص أفعال القلوب أنه يجوز أن يكون فاعلها ضميرين لشيء واحد مثل علمتني منطلقاً، قال شراحها: والعبارة للمحقق الجامي، ولا يجوز ذلك في سائر الأفعال فلا يقال: ضربتني ولا شتمتني بل يقال: ضربت نفسي، وذلك لأن أصل الفاعل أن يكون مؤثراً والمفعول به متأثراً، وأصل المتأثر أن يغاير المؤثر، فإن اتحدا معنى كره اتحادهما لفظاً فقصد مع اتحادهما معنى تغايرهما لفظاً بقدر الإمكان، فمن ثم قالوا: ضربت نفسي ولم يقولوا: ضربتني، فإن الفاعل

والمفعول فيه ليسا بمتغايرين

<<  <  ج: ص:  >  >>