به اليهود والنصارى لأنهم كانوا في اليمن أكثر من مشركي العرب وأغلب، وإنما نبهه على هذا ليتهيأ لمناظرتهم ويعد الأدلة لإفحامهم لأنهم أهل علم سابق بخلاف المشركين وعبدة الأوثان (فادعهم) أي: أولاً (إلى شهادة أن لا إله إلاالله، و) إلى شهادة (أني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك) أي: بالنطق بكلمتي التوحيد، قال القرطبي: وهذا الذي أمر النبي به معاذاً هو الدعوة قبل القتال التي كان يوصي بها النبي أمراءه وقد اختلف في حكمها، وعلى هذا ففي الحديث حجة لمن يقول أول الواجبات التلفظ بكلمتي الشهادة مصدقاً بها.
وقد اختلف في أول الواجبات على أقوال كثيرة، والذي عليه أئمة الفتوى ومن بهم المقتدي كمالك وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم من السلف أن أول الواجبات على كل مكلف الإيمان التصديقي الحزمي الذي لاريب معه الله ورسله وكتبه وما جاءت به الرسل كيفما حصل ذلك الإيمان وبأي طريق إليه يوصل. وأما النطق باللسان فمظهر لما استقر في القلب من الإيمان وسبب ظاهر ترتب عليه أحكام الإسلام، ولا حجة في الخبر لمن قال بعدم مخاطبة الكفار بالفروع أخذاً من أمرهم بها بعد إطاعتهم إلى النطق بالشهادتين، لأن ذلك يحتمل أنه إنما قدم لكون الإيمان شرطاً مصححاً للأعمال الفرعية لا للخطاب بالفروع، إذ لا يصح فعلها إلا بتقدم وجوده، ويصح الخطاب بالإيمان وبالفروع معاً في وقت واحد وإن كانت في الوجود متعاقبة، قال القرطبي: وهذا الاحتمال أظهر مما تمسكوا به، ولو لم يكن أظهر فهو مساوٍ له، فيكون ذلك الخطاب مجملاً بالنسبة إلى هذا الحكم، أو أن النبي إنما رتب هذه القواعد ليبين الأهم فالأهم، والله أعلم اهـ ملخصاً (فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في) مجموع (كل يوم وليلة)«وإن» هنا وفيما بعد شرطية «وهم» فاعل فعل محذوف وجوباً دل عليه ما بعده فهو نظير: {وإن أحد من المشركين استجارك}(التوبة: ٦) فالجواب جملة «فأعلمهم»(فإن هم أطاعوا لذلك) بالإقرار بالوجوب والعزم على فعلها (فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة) أي: زكاة كما في رواية مسلم، وسميت صدقة لأنها تدل على صدق إيمان باذلها (تؤخذ من أغنيائهم) أي: من أموالهم. وعند مسلم «تؤخذ من أموالكم» قال المصنف: ويستدل بلفظ «من أموالهم» على أنه إذا امتنع من دفع