للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٩٥- وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بِشِعبٍ فِيهِ عُيَيْنَةٌ مِنْ مَاءٍ عَذْبَة، فَأعْجَبَتْهُ، فَقَالَ: لَو اعْتَزَلْتُ النَّاسَ فَأقَمْتُ في هَذَا الشِّعْبِ، وَلَنْ أفْعَلَ حَتَّى أسْتَأْذِنَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فذكَرَ ذَلِكَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "لاَ تَفعلْ؛ فَإنَّ مُقامَ أَحَدِكُمْ في سَبيلِ اللهِ أفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِ في بَيْتِهِ سَبْعِينَ عَاماً، أَلاَ تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ، وَيُدْخِلَكُمُ الجَنَّةَ؟ أُغْزُوا في سَبيلِ الله،

ــ

وابن زنجويه عن عمرو بن عنبسة مرفوعاً "من قاتل في سبيل الله فواق ناقة حرم الله على وجهه النار" اهـ.

١٢٩٥- (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: مر رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) لم أر من سماه (بشعب) بكسر فسكون، الطريق في الجبل (فيه عيينة) بضم المهملة، وتكسر إتباعاً للياء، تصغير عين وكأنه لقلة مائها وهي مؤنثة تأنيثاً معنوياً فلذا ظهرت التاء حال تصغيره (من ماء) صفة عُينية وكذا قوله (عذبة) بفتح فإسكان أي: سائغة الشراب، قال العاقولي: جيء بها ليلتذ السامع ويستروح إلى ذكرها، فكيف بالكون عندها، (فأعجبته) أي: العين (فقال: لو) للتمني ولذا لم يؤت لها بجواب، ويحتمل أنها للشرط، والجواب محذوف أي لو (اعتزلت الناس) أي: تركت الخلطة معهم (فأقمت في هذا الشعب) منفرداً أتعبد لكان أولى وأفضل، وجملة فأقمت معطوفة على جملة اعتزلت (ولن أفعل) شيئاً من الاعتزال والإِقامة (حتى أستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) غاية للفعل لمنفي، وجملة ولن أفعل معطوفة على لو ومدخولها، وفيه ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من لزوم الأدب معه - صلى الله عليه وسلم -، وأنه كان لا يبت (١) أحد منهم أمراً ولو في خاصته حتى يعرض ذلك عليه - صلى الله عليه وسلم -. (فذكر) عطف على مقدر أي فرجع من الشعب فذكر (ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا تفعل) هو نهي تنزيه عن المفضول وتحريض على ضده ولذا قال: (فإذا مقام أحدكم) مصدر ميمي أي: قيام أحدكم (في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاماً) هذا كان في ابتداء الأمر، ومثله ما إذا ألجأ الأمر للجهاد، بأن هجم الكفار على بلاد المسلمين، وخشي استيلاؤهم عليها، فالاشتغال بالجهاد حينئذٍ لما فيه من إنقاذ المسلمين أفضل من صلاة النافلة وذلك؛ لأنه نفع متعد، وأما إذا لم ينته الأمر لذلك فأفضل العبادات البدنية الصلاة كما قاله الجمهور (ألا) بتخفيف اللام أداة عرض (تحبون أن يغفر الله لكم) حذف المفعول؛ إيماءً للتعميم


(١) يبت بضم الباء أي لا يقطع وتقال بالكسر شذوذاً لأن المضعف المكسور لم يتعد إلا قليلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>