للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً فَإنَّهَا تَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَأَغزَرِ مَا كَانَتْ؛ لَونُها الزَّعْفَرَانُ، وَريحُها كَالمِسْكِ" رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: "حديث صحيح (١) .

ــ

لمرضاة الله بالموت على الإِسلام إذ لا تجب الجنة لغيره (ومن جرح) بالبناء للمجهول (جرحاً في سبيل الله) ظرف لغو متعلق بجرح، أو مستقر في محل الوصف للمصدر والأول أولى. قال في الكشاف في قوله تعالى: (ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض) (٢) إن قلت الظرف متعلق بالفعل، أو بالمصدر قلت بالفعل، وإذا جاء نهر الله بعلل نهر معقل (أو نكب نكبة) بضم النون وسكون الكاف، ثم موحدة وحذف الظرف المعتبر فيها أيضاً اكتفاءً بدلالة ذكره في قرينتها على ذلك، وهي كما قال ابن الأثير: ما يصيب الإِنسان من الحوادث، وقال الجوهري: النكبة واحدة نكبات الدهر يقال أصابته نكبة. اهـ وعطفها على الجرح من عطف العام على الخاص، وقد ترجم البخاري في صحيحه لكل منهما باباً فقال: باب من ينكب في سبيل الله ثم باب من يجرح في سبيل الله (فإنها) أي: المرة من الجرح أو النكبة، أو فإن النكبة وأعيد الضمير إليها؛ لقربها ولأنها تعم ما قبلها (تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها لون الزعفران) والكاف في كأغزر مزيدة وما مصدرية، أي: تجيء ودمها أغزر مما كانت في غير ذلك الوقت، فالوقت مقدر قاله العاقولي (وريحها كالمسك) وهذا محمول على ما كان منها ذا مادة كجرح ونحوه، ولا يخالف ما ورد من أن لونها لون الدم؛ لجواز جمعه لكل من الحمرة والصفرة، أو لأن الأمر فيهما تقريبي، وأغزر أفعل تفضيل من الغزارة بالغين والزاي المعجمتين، وهي الكثرة يقال: غزر الماء بالضم غزراً وغزارة فهو غزير، كذا في المصباح (رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث صحيح) وفي نسخة: حسن صحيح، وأورده في الجامع الكبير وزاد بعد قوله: "من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة، ومن سأل الله القتل من نفسه صادقاً ثم مات أو قتل فإن له أجر شهيد، وقال: في آخره: وريحها ريح المسك، وزاد: ومن خرج به خراج في سبيل الله كان عليه طابع الشهداء" أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: صحيح، والنسائي وابن حبان والطبراني والبيهقي عن معاذ بن جبل، ورواه ابن ماجه والحاكم في المستدرك إلى قوله: أجر شهيد، وروى أحمد


(١) أخرجه أبو داود في كتاب: الجهاد، باب: فيمن سأل الله تعالى الشهادة، (الحديث: ٢٥٤١) .
وأخرجه الترمذي في كتاب: فضائل الجهاد، باب: من جاء فيمن يُكلم في سبيل الله، (الحديث: ١٦٥٧) .
(٢) سورة الروم، الآية: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>