للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمفهومها على أن الحر، لا يقتل بالعبد (١)، لكونه غير مساوٍ له) ا. هـ (٢).

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن الحر لا يقتل بالعبد، ووجه دلالة الآية عليه بمفهوم المخالفة حيث أن تخصيص القصاص بين الحر والحر دال بمفهومه على أن الحر لا يقتل بالعبد.

الموافقون:

وافق السعدي على هذا الاستنباط بعض المفسرين، قال الخازن: (قوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} ومعناه أنه إذا تكافأ الدمان من الأحرار المسلمين أو العبيد من المسلمين أو الأحرار من المعاهدين أو العبيد منهم فيقتل كل صنف إذ قتل بمثله الذكر بالذكر والأنثى بالأنثى وبالذكر ولا يقتل مؤمن بكافر ولا حر بعبد) (٣)، وممن قال


(١) اختلف العلماء في قتل الحر بالعبد فذهب أبو حنيفة إلى أن الحر يقتل بالعبد لعموم آية المائدة، وإليه ذهب الثوري وابن أبي ليلى وداود، وهو مروي عن علي، وابن مسعود، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم النخعي، وقتادة، والحكم، وخالفهم الجمهور وقالوا: لا يقتل الحر بالعبد؛ لأن العبد سلعة لو قتل خطأ لم تجب فيه دية، وإنما تجب فيه قيمته، وأنه لا يقاد بطرفه ففي النفس بطريق أولى. وما ذهب إليه أبوحنيفة هو الراجح لأمور منها: قوله صلى الله عليه وسلم: " المسلمون تتكافأ دماؤهم "أخرجه أبوداود، كتاب الجهاد، باب في السرية ترد على أهل العسكر، ح (٢٧٥١)، وابن ماجة، كتاب الديات، باب المسلمون تتكافأ دماؤهم، ح (٢٦٨٥/ ٢٦٥٩)، وغيرهما، ولأن القصاص يعتمد المساواة في العصمة وهي بالدين أو بالدار وهما سيان فيهما، والتفاضل في الأنفس غير معتبر بدليل أن الجماعة لو قتلوا واحداً قتلوا به، ولقوله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] وشريعة من قبلنا إذا قصت علينا من غير دلالة على نسخها فالعمل بها واجب على أنها شريعة لنا، ولأن اعتبار الحرية هنا يؤدي إلى فوات حكمة الردع والزجر فوجب أن يسقط اعتباره. انظر: تفسير ابن كثير (١/ ٤٥٤)، وروح المعاني (٢/ ٤٩)، والمغني لابن قدامة (١١/ ٤٧٣).
(٢) انظر: تفسير السعدي (٨٤).
(٣) انظر: لباب التأويل (١/ ١٠٧).

<<  <   >  >>