دارت وجوههم" ويؤيده ما في الرواية الثالثة من أن بعض المخرجين كانت النار قد أخذت منه إلى نصف الساق وإلى ركبتيه.
كما اختلفوا في عدم أكل النار لمحل السجود، هل ذلك خاص بمن صلى وسجد فعلا؟ أو هو عام فيمن سجد بالفعل أو بالقوة؟
فذهب ابن أبي جمرة إلى أن من كان مسلما، ولكنه كان لا يصلي لا يخرج، إذ لا علامة له لكن يحمل على أنه يخرج في القبضة لعموم قوله: "لم يعملوا خيرا قط".
وقال الحافظ ابن حجر: الأظهر العموم، ليدخل فيه من أسلم مثلا وأخلص، فبغته الموت قبل أن يسجد، والله أعلم.
٥ - وقد أفاضت رواياتنا في ذكر أحوال آخر أهل النار خروجا منها، وفي آخر أهل الجنة دخولا الجنة، وفي النعيم الذي يعطاه.
وقد تساءل القاضي عياض فقال: إن آخر من يخرج من النار هل هو آخر من يبقى على الصراط أو هو غيره، وإن اشترك كل منهما في أنه آخر من يدخل الجنة؟
وأشار ابن أبي جمرة إلى المغايرة بين آخر من يخرج من النار، وأنه يخرج منها بعد أن يدخلها حقيقة، وبين آخر من يخرج مارا على الصراط، فإن التعبير عنه بأنه خرج من النار بطريق المجاز، لأنه أصابه من حرها وكربها ما يشارك به بعض من دخلها.
هذا وقد حكت الرواية الأولى خلافا بين أبي هريرة وبين أبي سعيد في اللفظ المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تفضل به الله على آخر أهل الجنة دخولا الجنة.
هل اللفظ "ذلك لك ومثله معه"؟ أو "عشرة أمثاله معه"؟ وقد جاء في بعض الروايات على أثر هذا الخلاف "قال أحدهما لصاحبه: حدث بما سمعت، وأحدث بما سمعت".
وجمع القاضي عياض بينهما باحتمال أن يكون أبو هريرة سمع أولا قوله: "ومثله معه" فحدث به، ثم حدث النبي صلى الله عليه وسلم بالزيادة فسمعه أبو سعيد، فحدث به، وقد وقع في رواية أبي سعيد أشياء كثيرة زائدة على حديث أبي هريرة. اهـ.
كما جاء في الرواية السابعة: فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها" وفي الرواية الثامنة "لك الذي تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا" فقال النووي: هاتان الروايتان بمعنى واحد، وإحداهما تفسير للأخرى، فالمراد بالأضعاف الأمثال، فإن المختار عند أهل اللغة أن الضعف المثل.
كما جمع النووي بين هاتين الروايتين، وبين قوله في الرواية الحادية عشرة: "أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت. رب. فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله. فقال في الخامسة: رضيت. رب. فقول: "هذا لك وعشرة أمثاله" قال النووي: المراد أن أحد ملوك الدنيا