(ثم نعت وضع الصراط) ثم وصف جابر في حديثه الصراط ووضعه وكلاليبه.
(ومر الناس عليه) أي وأحوال مرور الناس على الصراط.
(وأخاف ألا أكون أحفظ ذلك) أي ما قاله جابر، فرويته بالمضمون ولم أحاول رواية الحديث نفسه مخافة الخطأ وعدم الحفظ.
(فيخرجون كأنهم عيدان السماسم) هو بالسينين: الأولى مفتوحة والثانية مكسورة، وهو السمسم المعروف، وعيدانه- إذا قلعت وتركت في الشمس ليؤخذ حبها - تراها دقاقا سوداء، كأنها محترقة، فشبه بها هؤلاء. وقيل: لعل اللفظة محرفة، وأصلها عيدان الساسم، بحذف الميم الأولى وفتح السين الثانية وهو خشب أسود كالأبنوس، وقال بعضهم: السماسم نبت ضعيف كالسمسم والكزبرة، قال النووي: والمختار أنه السمسم المعروف. والله أعلم.
(يخرجون كأنهم القراطيس) جمع قرطاس بكسر القاف وضمها لغتان، وهو الصحيفة التي يكتب فيها، ووجه الشبه البياض بعد اغتسالهم وزوال ما كان عليه من السواد.
(قلنا: ويحكم، أترون الشيخ يكذب على رسول الله؟ ) أي قال: يزيد الفقير لزملائه من الخوارج: أتظنون أن الشيخ جابر بن عبد الله يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ .
(فرجعنا، فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد) معناه: رجعنا من حجنا، وقد كففنا عن رأي الخوارج وتبنا منه، ولم يخرج منا [أي لم يبق من الخوارج منا] إلا رجل واحد.؟
-[فقه الحديث]-
ساق الإمام مسلم هذا الحديث هنا للاستشهاد به على رؤية الله تعالى في الآخرة، لكنه في مجموع رواياته يتناول مع ذلك أمورا مهمة هي: ما قبل الصراط من أمور الآخرة - الصراط وأحوال الناس عليه- دخول عصاة المؤمنين النار وخروجهم منها - آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا لها - الشفاعة - ما يؤخذ من الحديث.
١ - أما رؤية الله تعالى في الآخرة فقد تعرض الحديثان السابقان لرؤية المؤمنين لربهم سبحانه وتعالى في الجنة، وقد ذكرنا في شرحهما آراء العلماء في الرؤية، وأدلة كل فريق.
أما الرؤية الواردة في هذا الحديث فقد قال الخطابي: هذه الرؤية غير التي تقع في الجنة، إكراما للمؤمنين، فإن هذه للامتحان، وتلك لزيادة الإكرام. قال: ولا إشكال في حصول الامتحان في الموقف، لأن آثار التكاليف لا تنقطع إلا بعد الاستقرار في الجنة أو النار.
والألفاظ الواردة هنا في الرؤية هي: أن ناسا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال