في صحته عند جماهير العلماء، بل يجب العمل به، والثاني أن هذا اللفظ ثابت من رواية غير أبي هريرة، فقد ذكر مسلم هذا من رواية السائب بن يزيد -روايتنا الثالثة- وجابر بن عبد الله -روايتنا السابعة والثامنة والتاسعة -وأنس بن مالك -روايتنا الحادية عشرة والثانية عشرة -وعبد الله بن عمر -روايتنا السادسة عشرة- عن النبي صلى الله عليه وسلم اهـ
قال ابن التين: لعل أبا هريرة كان يسمع هذا الحديث، قبل أن يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم "من بسط رداءه ثم ضمه إليه لم ينس شيئاً سمعه من مقالتي" وقد قيل في الحديث المذكور: إن المراد أنه لا ينسى تلك المقالة، التي قالها ذلك اليوم، لا أنه ينتفي عنه النسيان أصلاً. اهـ
وقيل: إن ما فعله أبو هريرة من سكوته عن الحديث الأول لم يكن من نسيان، بل كان الحديث الثاني ناسخاً للأول، فسكت عن المنسوخ، قال الحافظ ابن حجر: دعوى النسخ مردودة، لأن النسخ لا يصار إليه بالاحتمال، ولا سيما مع إمكان الجمع.
ويحتمل أيضاً أنهما لما كانا خبرين متغايرين، عن حكمين مختلفين، لا ملازمة بينهما، جاز عنده أن يحدث بأحدهما، ويسكت عن الآخر، حسبما تدعو إليه الحاجة، قاله القرطبي في المفهم، قال: ويحتمل أن يكون خاف اعتقاد جاهل، يظنهما متناقضين، فسكت عن أحدهما، وكان إذا أمن ذلك حدث بهما جميعاً.
(قيل: وما الفأل؟ قال: الكلمة الصالحة، يسمعها أحدكم) في الرواية الحادية عشرة "ويعجبني الفأل، الكلمة الحسنة. الكلمة الطيبة" وفي الرواية الثالثة عشرة والرابعة عشرة "وأحب الفأل الصالح".
قال النووي: الفأل مهموز، ويجوز ترك همزه، وجمعه فؤول، كفلس، وفلوس، وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة، يقال: تفاءلت بكذا، بالألف والتخفيف، وتفألت بكذا بالتشديد، وهو الأصل، قال العلماء: وإنما أحب الفأل، لأن الإنسان إذا أمل فائدة الله تعالى وفضله عند أي سبب، قوي أو ضعيف، فهو على خير في الحال، وأما إذا قطع رجاءه وأمله من الله تعالى، فإن ذلك شر له، والطيرة فيها سوء ظن، وتوقع بلاء، قال: ومن أمثال التفاؤل أن يكون له مريض، فيتفاءل بما يسمعه، فيسمع من يقول: يا سالم، أو يكون له طلب حاجة، فيسمع من يقول: يا واجد، فيقع في قلبه رجاء البرء، أو الوجدان. اهـ
وقال ابن بطال: جعل الله من فطر الناس محبة الكلمة الطيبة، والأنس بها، كما جعل فيهم الارتياح بالمنظر الأنيق، والماء الصافي، وإن كان لا يملكه، ولا يشربه، وقد أخرج الترمذي وصححه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج لحاجته، يعجبه أن يسمع: يا نجيح. يا راشد".
وقال الحليمي: وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل، لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى، بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال.
(الشؤم في الدار والمرأة والفرس) المراد من "الدار" المسكن، ولو حجرة، أو خيمة، أو عشة،