(فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم؟ ) كلام علي رضي الله عنه لجيشه على طريق الاستفهام الإنكاري التوبيخي، أي لا ينبغي ولا يصح أن يحصل ذلك، يقصد المبادرة بقتالهم قبل قتال معاوية وأهل الشام.
(والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم) أي أن يكون الموصوفون في الحديث هؤلاء الحروريين.
(فإنهم سفكوا الدم الحرام، وأغاروا في سرح الناس) أي وخاضوا في أعراض الناس، أما سفكهم الدم الحرام فقد ذكر الحافظ ابن حجر حديثاً صحيحاً عن حميد بن هلال أنهم قتلوا عبد الله بن خباب ذبحوه، وبقروا بطن جاريته وهي حبلى، بدون ذنب، وكان والياً لعلي على بعض تلك البلاد، فأرسل إليهم علي: أفيدونا بقاتل عبد الله بن خباب، فقالوا: كلنا قتله. فأرسل إليهم رسله يناشدهم أن يفيئوا، فقتلوا رسوله، فلما رأى ذلك نهض إليهم.
(إي ورب الكعبة)"إي" بكسر الهمزة، حرف جواب بمعنى. نعم. وكرر القسم ثلاثاً لتأكيد الخبر.
(فنزلني زيد بن وهب منزلاً، حتى قال: مررنا على قنطرة) قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ "منزلاً" مرة واحدة، وفي نادر منها "منزلاً. منزلاً" مرتين أي حكى لي مراحل حركة جيش علي مكاناً مكاناً ومرحلة مرحلة، حتى قال: وصلنا قنطرة، وهي قنطرة الديرجان، كما جاء في سنن النسائي وهناك خطبهم علي رضي الله عنه.
(وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبي) أي وقائدهم. و"الخوارج" جمع خارجة، أي طائفة خارجة، قيل: سموا بالخوارج لخروجهم عن الدين، أو خروجهم عن خيار المسلمين.
(فقال لهم: ألقوا الرماح، وسلوا السيوف من جفونها) أي قال لهم قائدهم ذلك، لتبدأ المعركة بالوطيس الحامي، بالسيوف، لا بالرماح، فألقوا رماحهم بعيداً، وأخرجوا السيوف من أغمادها.
(فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء) أي فإني أخاف أن يذكروكم الله والرحم ويستعطفوكم فيخدعوكم، فتتركوا قتالهم، وتتراجعوا كما حدث يوم حروراء، ويوم حروراء الذي يشير إليه -وكان يقودهم عبد الله بن الكواء اليشكري- أرسل إليهم علي عبد الله بن عباس، فناظرهم، فرجع كثير معه، ثم خرج إليهم علي، فناوشهم، وناقشهم، فأطاعوه، ودخلوا معه الكوفة.
وسيأتي تفصيل القصة في فقه الحديث.
(فوحشوا برماحهم) أي ألقوا بها بعيداً عنهم، يقال: وحش فلان بثوبه أو سلاحه. بفتح الواو وتشديد الحاء وتخفيفها، إذا رمى به.