للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وروى الطبراني: "ما أنعم الله على عبد نعمة إلا كثرت مؤنة الناس عليه، فإن لم يحتمل مؤنتهم عرض تلك النعمة لزوالها".

وروى عبد الرزاق في "المصنف" بإسناد حسن وأخرجه الهيثمي في "مجمع الزوائد"، والمنذري في "الترغيب والترهيب" عن أبي المنهال قال: "مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل له عكر [بكسر العين وسكون الكاف، وهو الكثير المزدحم من الإبل، من ٥٠ - ١٠٠] من إبل وغنم، فلم يضفه، ومر بامرأة لها شويهات. فذبحت له وأضافته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انظروا. مررنا بهذا الرجل وله عكر من إبل وغنم وبقر فلم يذبح لنا، ولم يضفنا، وهذه إنما لها شويهات، فذبحت لنا وضيفتنا، ثم قال: إنما هذه الأخلاق بيد الله، فمن شاء أن يمنحه الله خلقاً حسناً فعل".

وأخرج الترمذي في صفة الجنة، وأبو داود في الزكاة: "أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مؤمن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم، وأيما مؤمن كسا مؤمناً على عري كساه الله من خضر الجنة".

وروى الطبراني: "لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء -أي استقلوه- وكان لرجل من غفار عين، يقال لها: رومة، وكان يبيع منها القربة بمد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعنيها بعين في الجنة. فقال: يا رسول الله. ليس لي ولا لعيالي غيرها، ولا أستطيع أن أتكسب. فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه، من يشتري لنا بئر رومة، فيجعلها صدقة للمسلمين سقاه الله يوم القيامة من العطش. فبلغ ذلك عثمان بن عفان، فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم فجعلها صدقة للمسلمين".

وروى مسلم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم شيع جنازة أبي الدحداح، فقال بعد دفنه: كم من عذق معلق أو مدلى في الجنة لأبي الدحداح". قالوا: وسببه أن يتيماً خاصم أبا لبابة في نخلة، فبكى الغلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: أعطه النخلة ولك بها عذق في الجنة -أي نخلة في الجنة- فقال: لا. فسمع بذلك أبو الدحداح، فاشتراها من أبي لبابة بحديقة له ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألي عذق في الجنة إن أعطيتها اليتيم؟ قال: نعم. فأعطاه إياها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كم من عذق معلق أو مدلى في الجنة لأبي الدحداح".

وروى الترمذي عن عائشة: "أنهم ذبحوا شاة، فتصدقوا منها، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة: ماذا بقي منها؟ قالت: ما بقي منها إلا كتفها. قال: بقي كلها غير كتفها".

كيف يعالج المؤمن شح نفسه؟ وكيف يعلم نفسه السخاء؟ ويتعود البذل والعطاء والإنفاق؟ .

إن المال أهم ما في الوجود، شهوته أهم من شهوة النساء، لأن شهوة النساء محدودة، وفي أوقات وشهوة المال غير محدودة، وفي جميع الأوقات "لو كان لابن آدم واد من ذهب لتمنى ثانياً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب". رواه البخاري ومسلم: "يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان. حب المال وطول العمر". رواه البخاري ومسلم.

المال أخطر ما في الوجود، لأن صاحبه لا يدرك خطره إلا بعد فوات الأوان، بهجته تعمي الأبصار عن إدراك حقيقته، وجمعه يزيد الرغبة في جمعه، فهو كالمخدر الذي يشل حركة التفكير والتعقل والتدبر، إلا من عصمه الله. يضحي الإنسان في سبيله بكل غال، يضحي بالهدوء والراحة والسعادة

<<  <  ج: ص:  >  >>