للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصدقة إذا لم تقع الموقع، وفيه أن الحكم للظاهر حتى يتبين خلافه، وفيه التسليم والرضا، وحمد الله على كل حال.

تلك الشعب الأربع تعود بالنفع الدنيوي على المنفق، أما عن النفع الأخروي فيتمثل في ثلاث شعب: الوقاية من النار، ونمو النفقة المدخرة عند الله حتى تعظم، وأن للنفقة الصغيرة الأجر العظيم.

فالأحاديث (٣٢)، (٣٣)، (٣٤)، (٣٦) تتحدث عن الشعبة الأولى "من استطاع منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل". "ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه. فاتقوا النار ولو بشق تمرة". "ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم النار، فأعرض وأشاح، ثم قال: اتقوا النار. ثم أعرض وأشاح حتى ظننا أنه كأنما ينظر إليها، ثم قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة". "ذكر النار، فتعوذ منها، وأشاح بوجهه ثلاث مرار، ثم قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة".

والحديثان (٢٩)، (٣٠) يتناولان نمو الصدقة الصغيرة عند الله، ولفظهما: "ما تصدق أحد بصدقة من طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- إلا أخذها الرحمن بيمينه- وإن كانت تمرة- فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله". "لا يتصدق أحد بتمرة من كسب طيب إلا أخذها الله بيمينه، فيربيها، كما يربي أحدكم فلوه أو قلوصه حتى تكون مثل الجبل أو أعظم".

والأحاديث (٣٨)، (٣٩)، (٥٠)، (٥١)، (٥٢) تكشف عن الأجر العظيم للمنفق عند الله، فألفاظها: "ألا رجل يمنح أهل بيت ناقة تغدو بعس وتروح بعس؟ إن أجرها لعظيم". "من منح منيحة غدت بصدقة، وراحت بصدقة، صبوحها وغبوقها". "من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة: يا عبد الله. هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان".

قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله، ما على أحد يدعى من تلك الأبواب من ضرورة؟ فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. وأرجو أن تكون منهم". "من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة. كل خزنة باب. أي فلان، هلم". "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ قال أبو بكر: أنا قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة".

هذا. ويلحق بإنفاق المال كل معروف، فإنفاق الجهد كإنفاق المال، له مكافأته الدنيوية، وأجره العظيم في الآخرة، يعبر عن ذلك أصدق تعبير الأحاديث (١٨)، (١٩)، (٢٠)، (٢١)، (٢٢)، (٣٥) وألفاظها: "كل معروف صدقة". "إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة،

<<  <  ج: ص:  >  >>