والثَّاني: أن المُستثنى قد يكونُ مرفوعاً مع وجود هذا المعنى.
والثَّالثُ: أنه ليسَ تقديرَ ((استثنى)) أَولى من تقديرِ ((تَخَلَّفَ)) فيرتفعُ المستثنى أبداً.
والرَّابعُ: أنَّه إذا قُدِّر العامِلُ هنا ((استَثنى)) كان جُملتين، وقد أَمكن أن يُجعَلَ جُملةً فهو أولى.
ولا يجوزُ أن يكونَ العامِلُ مُركباً من ((إن)) و ((لا)) لثلاثةِ أوجهٍ:
أحدُها: أن التَّركيبَ خلافُ الأصلِ، فلا يَثْبُتُ إلا بدَليلٍ ظاهرٍ.
والثَّاني: أنه لم يبقَ من المركَّبِ حكمٌ؛ لأنَّ ((إنْ)) لا تنصبُ وبعدَها حرفُ نفيٍ، لو قلتَ: إنْ لا زيدٌ لم يَجُزْ. و ((لا)) لا تُعطَفُ على هذا المعنى؛ لأنَّها إذا دَخلت على مَعرفةِ لم تَعملْ فيها ولزمَ تكريرُ تلكِ المعرفةِ. وإن جُعلتْ حرفَ عطفٍ فَسَدَ المعنى؛ لأنّ حرفَ العطفِ يُشرِّك بين الشَّيئين في الإِعراب، و ((إلا)) لَيست كذلك.
والثالثُ: أن التَّركيبَ يُغيِّرُ معنى المُفردَين، مثلُ ((كأنَّ)) في التشبيهِ و ((لولا)) التي يَمتنع بها الشَّيءُ لوجودِ غيره.
وأمَّا قولُ الكِسائيّ فإِنّه يَرجعُ إلى معنى قولِ البَصريين.
فإن قيلَ: قد أَبطلتُم هذه الأَقوالَ فما طريقُ صحّةِ قولكم؟.
قُلنا: إنَّ قولَكَ: قامَ القومُ زيداً غيرُ صحيحٍ في المعنى، وقولكم: قامَ القومُ إلاّ زيداً صحيحٌ في المعنى، والصّحةُ حادثةٌ مع حدوثِ ((إِلاَّ))؛ فوجَب أن يُنسبَ ذلك إليها، وأنَّها هي التي عَلَّقت زيداً بقامَ فتَجري مَجرى