للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلاَ يُمْلَكُ مَوْهُوبٌ إِلاَّ بقَبْضٍ

ــ

قال: (ولا يملك موهوب إلا بقبض) كالقراض؛ لأن كلًا منهما عقد إرفاق يحتاج إلى القبول، وبه قال أبو حنيفة؛ لما روى مالك [٢/ ٧٥٢] عن الزهري عن عروة عن عائشة: أن أبا بكر نحلها عشرين وسقا من ماله، فلما مرض .. قال (يا بنية؛ ما أحد أحب إلي غني بعدي منك، ولا أحد أعز علي فقرًا منك، وإني كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقًا، ووددت أنك حزتيه وقبضتيه، وهو اليوم مال الوارث وهما أخواك وأختاك، فاقسموه على كتاب الله، فقالت: عرفت أخوي محمدًا وعبد الرحمن وأختي أسماء فمن الأخرى؟ قال: ألقي في روعي أن التي في بطن بنت خارجة جارية) فلو كانت الهبة تملك قبل القبض .. لم يكن لقوله: (وددت أنك لو حزتيه) معنى، وقال بهذا سبعة من الصحابة: أبو بكر وعمر وعثمان وابن عباس وابن عمر ومعاذ وعائشة، ولا مخالف لهم.

وصحح الحاكم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى إلى النجاشي ثلاثين أوقية مسكًا، فمات النجاشي قبل أن يصل إليه، فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم بين نسائه).

ويقابل ما جزم به المصنف قول قديم: إن الملك يحصل بنفس العقد، وبه قال مالك وأبو ثور وداوود.

وروي عن القديم قول آخر: إن الملك موقوف إلى أن يوجد القبض، فإذا وجد .. تبينا حصول الملك من وقت العقد، ويتفرع على الأقوال أن الزيادات الحادثة بين العقد والقبض لمن تكون؟

وصفة القبض كما في البيع، إلا أنه لم يحصل بالإتلاف ولا بتخلية غير المنقول؛ لأنه غير مستحق كقبض الوديعة، وهذه الأقوال كالأقوال في أن المبيع ينتقل إلى ملك المشتري بالعقد أو بانقضاء الخيار أو بهما؟ وفي أن الموصى به ينتقل إلى الموصى له بالموت أو بالقبول أو بهما؟ لكن الراجح مختلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>