وقال ابن كثير على هذه الآية: أي لا يظهرن شيئًا من الزينة للأجانب إلَّا ما لا يمكن إخفاؤه. قال ابن مسعود: كالرداء والثياب. يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها. وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه، لأن هذا لا يمكن إخفاؤه. وقال ابن عطية: "ويظهر ليس بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألَّا تبدي وأن تجتهد في الإِخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن، ونحو ذلك، فما ظهر على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه". وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية في تفسير سورة النور "فما ظهر من الزينة هو الثياب الظاهرة، فهذا لا جناح عليها في إبدائه -إذا لم يكن هناك محذور آخر- فإن هذا لا بد من إبدائها وهذا قول ابن مسعود وغيره وهو المشهور عن أحمد، وأما من قال: إن المراد بقوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} الوجه والكفان وهو بعض بدن المرأة، واستدل بالآية على جواز كشفهما فهذا قول لا ينبغي حمل الآية عليه لأن الله تعالى قال: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ولم يقل "إلَّا ما أظهرن منها" وبين الجملتين فرق فإن قوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} يفيد أنه ظهر بنفسه من غير قصد، وهذا بخلاف ما يتعمد الإِنسان إظهاره، فإظهار الوجه والكفين عمدًا لا ينطبق عليه قوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} إلَّا لو كانت الآية "إلَّا ما أظهرن منها"، وعلى هذا فلا يصح ان يرجع الخلاف ليس وجوب ستر الوجه والكفين أو عدم الوجوب إلى الآية، وإنما برجع ذلك إلى السنة، لما علمنا أن حمل الآية على ذلك خلاف الظاهر، ولأنه جاءت نصوص الكتاب والسنة تحريم كشف الوجه. والله أعلم. (٢) في ن ب ساقطة، مع تقديم بعض الأوجه بعضها على بعض.