للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما باقي المعتزلة كضِرار بن عَمرو، وبشْر المَرِيسيّ، ويحيى بن كامل، فإنهم أنكروا عذاب القبر أصلًا.

وهذه الأقوال كلها فاسدة، تردها الأحاديث الثابتة، وقد مرَّ عند حديث أسماء في سؤال الميت في باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس ما قاله أهل السُنَّة من أن المعذَّب الجسد بعينه، أو بعضه، إلى آخر ما مرَّ.

وفيه أيضًا دلالة على استحباب تلاوة الكتاب العزيز على القبور؛ لأنه إذا كان يُرجى التخفيف عن الميت بتسبيح الشجر، فتلاوة القرآن العظيم أعظم رجاء وبركة.

وقد اختُلف في هذه المسألة، فذهب أبو حنيفة وأحمد إلى وصول ثواب قراءة القرآن للميت، لما روى أبو بكر النجّار في كتاب "السنن" عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ مرَّ بين المقابر، فقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة، ثم وهب أجرها للأموات، أُعطي من الأجر بعدد الأموات". وفي "سننه" عن أنس يرفعه: "من دخل المقابر فقرأ سورة يس، خفَّف الله عنهم يومئذ". وعن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من زار قبر والديه أو أحدهما، فقرأ عنده أو عندهما يس، غُفر له".

وروى ابن شاهين عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قال: الحمد لله رب العالمين، رب السماوات ورب الأرض رب العالمين، وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم، لله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين، وله العظمة في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم، هو الملك رب السماوات ورب الأرض ورب العالمين، وله النور في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم مرة واحدة، ثم قال: اللهم اجعل ثوابها لوالديَّ، لم يبقَ لوالديه حقٌّ إلاَّ أداه إليهما".

والصحيح من مذهب مالك والشافعي وصول ثواب قراءة القرآن للميت،

<<  <  ج: ص:  >  >>