للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: قد قال ابن حزم: والعجب من تجاهر بعض القائلين هاهنا: إنه إنما عنى ولدًا ذكرًا، وهذا إقدام على الله بالباطل وقولٌ عليه بما لا يعلم، بل ما يعلم أنه باطل، وليت شعري أي فرق بين قوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} (١) وبين قوله تعالى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} (٢)، وقوله: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ} (٢)، وقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} (٣). فلم يختلفوا في جميع هذه الآيات في أن الولد سواء كان ذكرًا أو أنثى، أو ولد الولد كذلك، فالحكم واحد، ثم بدا لهم في ميراث الأخت أن الولد إنما أريد به الذكر.

قلت: ابن حزم قد حفظ شيئًا وغابت عنه أشياء ولم يقل أحد أن الولد لا يطلق إلا على الذكور خاصة، وإنما يطلق على الذكور والإناث كما في الآيات التي ذكرها ابن حزم، ولكن قد يخص ويقيد في بعض المواضع بالذكور، بدليل يقوم عليه كما في الآية المذكورة وهي قوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} (١) وقد قام الدليل هاهنا أن المراد بالولد هاهنا الذكور خاصة، وهو شيئان:

الأول: نسق التلاوة في قوله تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَآ} (١) يعني الأخ يرث الأخت إن لم يكن لها ولد، ومعناه ولدٌ ذكر عند الجميع إذ لا خلاف بين الصحابة - رضي الله عنهم - أنها إذا تركت ولدًا أنثى وأخًا أن للبنت النصف والباقي للأخ، والولد المذكور هاهنا هو المذكور بذا في أول الآية، وأيضًا قال الله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} (٣) معناه عند الجميع ولد ذكر؛ لأنه لا خلاف بين الصحابة ومن بعدهم من الفقهاء أنه لو


(١) سورة النساء، آية: [١٧٦].
(٢) سورة النساء، آية: [١٢].
(٣) سورة النساء، آية: [١١].

<<  <  ج: ص:  >  >>