للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: هذا جواب عن السؤال المذكور، وهو ظاهر.

قوله: "واحتج عمر -رضي الله عنه- لذلك. . ." إلى آخره، لما فتح عمر -رضي الله عنه- العراق سأله قومٌ من الصحابة قسمته بين الغانمين، منهم: الزبير وبلال وغيرهما، فقال: إن قسمتها بينهم -يعني الناس- بلا شيء لهم، واحتج عليهم بهذه الآية -أعني قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} (١) إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (٢)، وشاور عليًّا وجماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- في ذلك، فأشاروا عليه بترك القسمة وأن يقر أهلها عليها ويضع عليها الخراج؛ ففعل ذلك.

ووافقته الجماعة عند احتجاجه بالآية، وهذا يدل على أن هذه الآية مُحكمة غير منسوخة، وأنها مضمومة إلى آية الغنيمة في الأرضين المفتتحة، وهذا يرد على من يدعي انتساخ هذه الآية، فافهم.

فإذا كان كذلك فيكون تقدير الآيتين بمجموعهما: واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خُمسه في الأموال سوى الأرضين، وفي الأرضين إذا اختار الإِمام ذلك، وما أفاء الله على رسوله من الأرضين فلله وللرسول إن اختار تركها على ملك أهلها، ويكون ذكر الرسول ها هنا لتفويض الأمر إلى الله في صرفه إلى من رأى، فاستدل عمر -رضي الله عنه- من الآية بقوله: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} (١) وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (٢)، وقال: لو قسمتها بينهم لصارت دولة بين الأغنياء منكم، ولم يكن لمن جاء من بعدهم من المسلمين شيء، وقد جعل فيها لهم الحق بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (٢)، فلما استقر عنده حكم دلالة الآية وموافقة جلّ الصحابة على إقرار أهلها ووضع الخراج؛ بعث عثمان بن حنيف وحذيفة بن اليمان فمسحا الأرضين ووضعا الخراج على الأوضاع المعلومة، ووضعا الجزية على الرقاب، وجعلاهم ثلاث طبقات: اثنى عشر،


(١) سورة الحشر، آية: [٧].
(٢) سورة الحشر، آية: [١٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>