وقال ابن قدامة أيضًا: القاتل يستحق السلب، قال ذلك الإِمام أو لم يقل. وبه قال الأوزاعي والليث والشافعي وإسحاق وأبو عبيدة وأبو ثور.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لا يكون السلب للقاتل إلا أن يكون الإِمام قال: من قتل قتيلاً فله سلبه؛ فإن كان قال ذلك ليحرض الناس على القتال في وقت يحتاج فيه إلى تحريضهم على ذلك فهو كما قال، وإن لم يقل من ذلك شيئًا فمن قتل قتيلاً فسلبه غنيمة وحكمه حكم الغنائم.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم الثوري وأبا حنيفة ومالكًا وأبا يوسف ومحمدًا، فإنهم قالوا: السلب من غنيمة الجيش حكمه حكم سائر الغنيمة إلا أن يقول الإِمام: من قتل قتيلاً فله سلبه. فحينئذٍ يكون له.
وقال ابن قدامة: قال أبو حنيفة والثوري: لا يستحق القاتل السلب إلا أن يشترطه الإِمام له.
وقال مالك: لا يستحقه إلا أن يقول الإِمام ذلك، ولم ير أن يقول الإِمام ذلك إلا بعد انقضاء الحرب، وجعلوا السلب من جملة الأنفال.
وقد روي عن أحمد مثل قولهم، وهو اختيار أبي بكر. وقال أيضًا: قال أحمد: لا يعجبني أن يأخذ السلب إلا بإذن الإِمام، وهو قول الأوزاعي، وقال ابن المنذر والشافعي: له أخذه بغير إذنه.
ص: وكان من الحجة لهم فيما احتج به عليهم أهل المقالة الأول من الآثار التي رويناها: أن قول خالد بن الوليد وعوف بن مالك -رضي الله عنهما-: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسلب للقاتل" فقد يجوز أن يكون ذلك لقول كان قد تقدم منه قبل ذلك جعل به سلب كل مقتول لمن قتله، وكذلك ما ذكر فيه من هذه الآثار التي جعل النبي -عليه السلام- السلب للقاتل، فقد يجوز أن يكون لهذا المعنى أيضًا.
ومما يدل أن السلب لا يجب للقاتل:
ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري، قال: ثنا يوسف بن