للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (١) أيضًا: نا معاذ بن المثنى، نا مسدد. ح

ونا طالب بن قرة الأذني، نا محمَّد بن عيسى بن الطباع. ح

ونا أبو حصين القاضي، نا يحيى الحماني، قالوا: نا أبو عوانة، عن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر قال: "كنت جالسا عند رسول الله - عليه السلام - فَسُئِل: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ فقال: نعم، فتوضئوا من لحوم الإبل. فقالوا: نصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا.

[قالوا] (٢): أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا توضأ.

[قالوا]: نصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم".

واحتج هؤلاء القوم بحديث جابر بن سمرة فيما ذهبوا إليه.

وقال ابن قدامة في "المغني": ولنا في هذا الباب حديث جابر بن سمرة وحديث البراء. وقد قال أحمد: فيه حديثان صحيحان عن النبي - عليه السلام - حديث البراء وحديث جابر بن سمرة. وكذلك قال إسحاق. وحديثهم لا أصل له إنما هو قول ابن عباس.

قلت: أراد به ما استدل به الحنفية والشافعية والمالكية من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - عليه السلام - أنه قال: "الوضوء مما يخرج لا مما يدخل".

ثم قال: فإن قيل: الوضوء ها هنا غسل اليد؛ لأن الوضوء إذا أضيف إلى الطعام اقتضي غسل اليد كما كان - عليه السلام - يأمر بالوضوء قبل الطعام وبعده. وخص ذلك بلحوم الإبل لأن فيه من الحرارة والزهومة ما ليس في لحوم الغنم؛ قلنا: هذا فاسد؛ فإنه نوع تأويل يخالف الظاهر من وجوه أربعة:

أحدها: أنهم حملوا الأمر على الاستحباب، ومقتضاه الوجوب.

والثاني: أنهم حملوا الوضوء على غير موضوعه في الشرع، ولفظ الشارع عند الإطلاق إنما يحمل على الموضوعات الشرعية.


(١) "المعجم الكبير" (٢/ ٢١٢ رقم ١٨٦٦).
(٢) في "الأصل، ك": قال، والمثبت من "معجم الطبراني الكبير" وهو الموافق للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>