للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنقول: إنما أعل ابن حزم هذا الحديث بشعيب بن رزيق الشامي، وقال: هو ضعيف وليس كذلك؛ فإن الدارقطني قال فيه لما سأله عنه البرقاني: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح. وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وكذلك ابن خلفون، وأخرج له الحاكم في "مستدركه" حديثًا وصحح سنده.

ثم إن هذا الحديث رواه الدارقطني (١) أيضًا ثم البيهقي (٢)، ثم قال البيهقي: أتى عطاء الخراساني في هذا الحديث بزيادات لم يتابَع عليها وهو ضعيف في الحديث لا يقبل منه ما ينفرد به.

قلت: ليس هو كذلك؛ فإن عطاء هذا وثقه جماعة منهم: الطبراني ومحمد بن سعد وابن عبد البر والدارقطني ويحيى بن معين وأبو حاتم، وخرّج حديثه الجماعة كلهم.

الثاني: من الأحكام أنهم اختلفوا في معنى قوله -عليه السلام-: "مُره فليراجعها" فقال مالك: هذا الأمر محمول على الوجوب، ومن طلق زوجته حائضًا أو نفساء، فإنه يجبر على رجعتها.

فسوَّى دم النفاس بدم الحيض.

وقال مالك: يجبر على الرجعة في الحيضة التي طلق فيها وفي الطهر بعده، وفي الحيض بعد الطهر، وفي الطهر بعد، ما لم تنقض العدة.

وقال أشهب: يجبر على الرجعة في الحيضة الأولي، خاصةً، فإذا طهرت منها لم يجبر على رجعتها.

وقال أبو حنيفة وابن أبي ليلى والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: يؤمر بالرجعة ولا يجبر، وحملوا الأمر في ذلك على الندب ليقع الطلاق على السُنَّة، ولم يختلفوا أنها إذا انقضت عدتها لا يجبر على رجعتها. وأجمعوا أنه إذا


(١) "سنن الدارقطني" (٤/ ٣١ رقم ٨٤).
(٢) "سنن البيهقي" (٧/ ٣٣٤ رقم ١٤٧٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>