ولا أنه كان يشاهدهم في حالهم هذه، وقد تابع مالكًا على هذا جماعة من الحفاظ، منهم: أبو إسحاق الفزاري وأبو ضمرة أنس بن عياض ومحمد بن عبد الله الأنصاري وعبد الوهاب الثقفي، كلهم رووه عن حميد، عن أنس بمعنى حديث مالك:"سافرنا مع رسول الله - عليه السلام -".
وما أعلم أحدًا روى حديث أنس هذا على ما قال ابن وضاح إلا ما رواه محمَّد بن مسعود، عن يحيى بن سعيد القطان، عن حميد، عن أنس.
قوله:"فضربوا الأبنية" جمع بناء، وهي الخباء التي تضرب.
قوله:"وسقوا الركاب" بكسر الراء وتخفيف الكاف، وهي الرواحل من الإبل، وتجمع على رُكُب -بضمتين- ويقال: الركاب جمع راحلة وليس لها واحد من لفظها، كالنساء جمع امرأة.
ص: وقد روي عن رسول الله - عليه السلام - أنه صام في السفر وأفطر:
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا رَوْح بن عبادة، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن عبد السلام، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود:"أن النبي - عليه السلام - كان يصوم في السفر ويفطر".
حدثنا فهد، قال: ثنا الحسن بن بشر، قال: ثنا المعافى بن عمران، عن مغيرة بن زياد، عن عطاء عن عائشة قالت:"صام رسول الله - عليه السلام - في السفر وأفطر".
فدل ذلك على أن للمسافر أن يصوم وله أن يفطر.
ش: هذا أيضًا مما احتجت به أهل المقالة الثانية على أهل المقالة الأولى؛ لأن فيه إخبارًا عن فعل النبي - عليه السلام - بأنه كان يصوم في السفر ويُفطر.
وأخرجه من وجهين:
الأول: حديث عبد الله بن مسعود: أخرجه عن علي بن شيبة، عن رَوْح بن عبادة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن عبد السلام وهو مجهول لا يُعرف، قاله أبو المحاسن الحسيني.