للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكأن النبي - عليه السلام - إنما أمره بكل صنف من هذه الأصناف الثلاثة لما لم يكن واجدًا للصنف الذي ذكره له قبله، فلما أخبره الرجل أنه غير قادر على شيء من ذلك، أُتي النبي - عليه السلام - بعرَق فيه تمر، فكان ذكر العرَق وما كان من دفع النبي - عليه السلام - إياه إلى الرجل، وأمره إياه بالصدقة هو الذي روته عائشة في حديثها الذي بدأنا بروايته، فحديث أبي هريرة أولى منه؛ لأنه قد كان قبل الذي في حديث عائشة شيء قد حفظه أبو هريرة ولم تحفظه عائشة، فهو أولى؛ لما قد زاده.

وأما حديث مالك وابن جريج فهما عن الزهري على ما ذكرنا، وقد بيَّنا العلة في ذلك فيما تقدم من هذا الباب؛ فثبت بما ذكرنا من الكفارة في الإفطار بالجماع في الصيام في شهر رمضان ما في حديث منصور وابن عيينة ومَن وافقهما، عن الزهري عن حميد، عن أبي هريرة، عن النبي - عليه السلام -، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

ش: أي: وكان من الحجة والبرهان لأهل المقالة الثالثة فيما ذهبوا إليه: أن حديث أبي هريرة المذكور في معرض احتجاج أهل المقالة الثانية وهو الذي أراده بقوله: "الذي ذكرناه في الفصل الذي قبل هذا الفصل" قد دخل فيه حديث عائشة - رضي الله عنها -.

تقرير هذا الكلام: أن المروي في هذا الباب حديثان:

أحدهما: عن عائشة.

والآخر: عن أبي هريرة.

وحديث أبي هريرة روي على وجهين:

الأول: هو ما رواه مالك وابن جريج عن الزهري، وهو الذي احتج به أهل المقالة الثانية في التخيير في الكفارة بين الأشياء الثلاثة.

والوجه الثاني: هو ما رواه غير مالك وابن جريج عن الزهري أيضًا، وهو الذي ذكر فيه الرقبة أولًا، ثم صيام شهرين متتابعين ثانيًا، ثم إطعام ستين مسكينًا ثالثًا، وهذا هو أصل حديث أبي هريرة، وإليه أشار بقوله: "أصل حديث أبي هريرة

<<  <  ج: ص:  >  >>