للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: قد يحتمل أنْ يكون ذلك الأمر خاصا به كما في الضحى ونحوه، ويحتمل أنْ يَعُمّ هو وأمته كما قال في الجواب الثاني بقوله: ويجوز أنْ يكون هو وجميع أمته في ذلك سواء، ولكن لهذين الاحتمالين يجب التوقيف حتى يقوم الدليل على ترجيح أحدهما، فاعتبرنا ذلك، فوجدنا حديث عليّ - رضي الله عنه - قد دلَّ على أنه ليس بواجب -على ما يجيء إنْ شاء الله تعالى-.

وإسناد حديث عليّ حسنٌ، بل صحيح؛ لأن ابن إسحاق ثقة ولكنه مدلس، ولكن قد صرّح هنا بالتحديث.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد مسند أبيه (١) وقال: حدثني عقبة بن مكرم الكوفي، نا يونس بن بُكير، نا محمَّد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة.

وعن عبيد الله بن أبي رافع، عن عليّ - رضي الله عنه - قال: قال: رسول الله - عليه السلام -: "لولا أنْ أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة".

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (٢) ولفظه: "لولا أنْ أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء".

قوله: "لولا" كلمة لربط امتناع الثانية لوجود الأولى، نحو: لولا زيد لأكرمتك، أيّ لولا زيد موجود، والمعنى ها هنا: لولا مخافة أنْ أشق لأمرتهم أمر إيجاب. وإلَّا لانعكس معناها إذ الممتنع: المشقة، والأمر موجود، وقد استدلت جماعة من الفقهاء على سُنية السواك بهذا الحديث، فإنْ قلتَ: كيف تثبت بهذا؟ قلتُ: لما امتنع الوجوب لوجود المشقة، ثبت ما دون الوجوب وهو السُّنَّة، لعدم المانع، وهو المشقة؛ لأنه بسبيل في ترك السُّنَّة.


(١) "مسند أحمد" (١/ ٨٠ رقم ٦٠٧).
(٢) "المعجم الأوسط" (٢/ ٥٧ رقم ١٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>