للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه ابن شاهين أيضًا (١). فدل هذا أن قيامه لجنازة اليهودي كان لأجل أن ريحها آذاه فقام ليتباعد عنه، ولم يكن قيامه لها لغير ذلك المعنى، هذا الذي ذكره الطحاوي عنهم، وفي نفسي منه شيء؛ وذلك لأن النبي - عليه السلام - علل القيام لها بقوله: "أليس ميتًا أَوَلَيْسَ نفسًا" فالذي يظهر منه أن العلة للقيام لها هي كونه نفسًا، مع قطع النظر عن كونها مجوسيًّا أو مسلمًا، وذلك كما علل القيام أيضًا في حديث جابر بن عبد الله بقوله: "إن الموت فزع" فالذي يظهر منه أن العلة للقيام لها: هي كون الموت فزعًا وخوفًا، فهذا أيضًا معنى يرجع إلى غير الميت، ويستوي في ذلك المسلم وغيره.

وقالوا: أما قيامه - عليه السلام - لجنازة المسلم فلم يكن إلا ليصلي عليها لا لأن من سنتها القيام لها.

واحتجوا على ذلك بما أخرجه بإسناد رجاله ثقات: عن محمد بن عمرو بن يونس الثعلبي، عن عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي روى له الجماعة، عن سعيد بن أبي عروبة روى له الجماعة، عن قتادة، عن الحسن البصري: "أن العباس والحسن ابن علي - رضي الله عنهم - ... " والحسن البصري لم يدرك عباسًا، ورأى عليًّا ولم يسمع منه، وقال ابن حبان: خرج الحسن من المدينة ليالي صفين ولم يلق عليًّا.

وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٢) وفي روايته: عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس والحسن بن علي - رضي الله عنهم -، وقال: ثنا الثقفي، عن أيوب، عن محمد، عن الحسن بن علي وابن عباس: "أنهما رأيا جنازة فقام أحدهما وقعد الآخر، فقال الذي قام للذي لم يقم: ألم يقم رسول الله - عليه السلام -؟ قال: بلى، ثم قعد".

وكذا رواية أحمد في مسنده (٣): ثنا عفان، ثنا يزيد -يعني ابن إبراهيم- وهو التستري، نا محمد قال: "نبئت أن جنازةً مرت على الحسن بن علي وابن عباس


(١) "الناسخ والمنسوخ" (١/ ٣٠٠ رقم ٣٤٤).
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٤٠ رقم ١١٩٢١).
(٣) "مسند أحمد" (١/ ٢٠٠ رقم ١٧٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>