للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقت ولا بد من التعيين، فظهر من ذلك أن الذي يدخل الفريضة يَصيرُ داخلًا بشيئين:

الأول: هو الذي يدخل به في النافلة.

والثاني: هو القدر الزائد عليه، والذي يدخل في النفل يصير داخلًا بشيء واحد: وهو إرادته مطلق الصلاة، ومطلق الصلاة نفل، فإذا كان كذلك يكون المتنفل خلف المفترض داخلًا في صلاة له في كلها إمام، والمفترض خلف المتنفل يكون داخلًا في صلاة له ليس في كلها إمام، بل هو إمام في بعضها وهو بعض سبب الفريضة وليس بإمام في بقيته، فلا يجوز ذلك، والله أعلم.

ص: فإن قال قائل: فإنا قد روينا عن عمر - رضي الله عنه -: "أنه صلى بالناس جُنبًا وأعاد ولم يعيدوا"، فدل ذلك أن صلاتهم لم تكن مضمنةً لصلاته.

فقال مخالفهم: إنما فعل ذلك لأنه لم يشعر بأن الجنابة كانت من قبل الصلاة فأخذ لنفسه بالحَوْطة، فأعاد ولم يأمر غيرَه بإعادةٍ، فقد ذكروا في ذلك ما حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء الغداني، قال: ثنا زائدة بن قدامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زُيَيْد بن الصلت قال، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "قد احتلمتُ وما شعرتُ، وصليتُ وما اغتسلتُ، ثم قال: أغسِلُ ما رأيتُ وأنضح ما لم أَرَ، ثم قام وصلّى متمكنًا وقد ارتفع الضحى".

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زُيَيْد بن الصَلْت أنه قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فنظر فإذا هو قد احتلم فصلى ولم يغتسل، فقال: والله ما أدري إلا وقد احتلمت وما شعرت وصليت وما اغتسلت قال: فاغتسل وغسل ما رأى في ثوبه ونضح ما لم يَرَ، فأذن فأقام الصلاة، ثم صلى بعد ما ارتفع الضحى متمكنًا".

فدل هذا على أن عمر - رضي الله عنه - لم يكن تيقن بالحدث الجنابة كانت منه قبل الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>