ش: هذا جواب عن الحديث المذكور، أي: فمن الدليل والبرهان على أهل المقالة الأولى للجماعة الآخرين وهم أهل المقالة الثانية.
تقريره أن يقال: قد يجوز أن يكون قوله: "كان خلف الناس" أي كان خلف صفوفهم كالمخالط لهم، فنحن أيضًا نقول بمنع مثل هذا كما قلنا في حديث مالك بن بحينة، وإنما الواجب أن يصليهما في آخر المسجد ثم يمشي من ذلك المكان إلى أول المسجد ويختلط بالصفوف، وأما أنه إذا صلاها مخالطًا بآخِر الصفوف فليس له ذلك ولا يقول به أحد، فبان أن إنكاره - عليه السلام - إنما كان لأجل وصله إياهما بالفريضة في مكان واحد دون أن يفصل بينهما بشيء يسيرٍ، وهذا مثل ما نهى من صلى الجمعة أن يصلي بعدها تطوعًا في مكان واحدٍ حتى يتكلم أو يتقدم.
على أنه قد روي ما يدل على ما ذهب إليه أهل المقالة الثانية وهو ما رواه البيهقي (١) من طريق حجاج بن نصير، عن عباد بن كثير، عن ليث، عن عطاء، عن أبي هريرة، أن رسول الله - عليه السلام - قال:"إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة إلا ركعتي الفجر".
فإن قيل: قد قال البيهقي: إن هذه الزيادة لا أصل لها، وحجاج وعباد ضعيفان.
قلت: قال عثمان بن شيبة عن يحيى بن معين: كان شيخًا صدوقًا. يعني الحجاج، وأما عباد فقد وثقه يحيى بن معين فقال: عباد الرملي الخوَّاص ثقة، والله أعلم.
قوله:"وقد حدثنا ابن مرزوق ... " إلى آخره، ذكر هذا تأييدًا للتأويل الذي ذكره في حديث عبد الله بن سرجس - رضي الله عنه -؛ لأن قول ابن عباس:"افصلوا بين صلواتكم" يدل على أن المنع الذي ذكره أهل المقالة الأولى مستدلين بالأحاديث