للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: لما استدل الخصم أيضًا بما روي عن ابن عباس من قنوته في الصبح، ذكره ثم أجاب عنه بما ملخصه: أن قنوت ابن عباس - رضي الله عنهما - يجوز أن يكون كقنوت علي -يعني لأجل الحراب- كان يدعو على الأعداء، على أنه قد روى عنه سعيد بن جبير وعمران بن الحارث عدم القنوت أصلًا، والذي روى عنه القنوت هو أبو رجاء عمران بن ملحان العطاردي، وكان ذلك لما كان ابن عباس بالبصرة واليا عليها من جهة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، والذي روى عنه سعيد بن جبير كان بمكة بعد ذلك، فدل أن ما كان منه من القنوت في الصبح إنما كان لأجل العارض وهو الحرب، فكل من روي عنه من الصحابة من القنوت في الصبح فمحمول على هذا العارض، والدليل على صحة هذا: أن بعضهم كان يقنت أيضًا في غير الصبح، وقد ذكرنا عن قريب أن ابن حزم روى أن عليًّا - رضي الله عنه - كان يقنت في الصلوات كلهن، وكان ذلك حين كان يحارب أهل الشام، فهذا كله يدل على بطلان قول من يرى القنوت في الصبح دائمًا.

وقد أخرج ما روي عن قنوته من طريقين صحيحين:

الأول: عن علي بن شيبة، عن قبيصة بن عقبة بن محمَّد السوائي الكوفي، عن سفيان الثوري، عن عوف بن أبي جميلة المعروف بالأعرابي، عن أبي رجاء عمران بن ملحان، أدرك زمان النبي - عليه السلام - ولم يره، وأسلم بعد الفتح وأتى عليه مائة وعشرون سنة.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنف" (١): ثنا هشيم، عن عوف، عن أبي رجاء، قال: "رأيت ابن عباس يمد ضَبعيه في قنوت صلاة الغداة إذ كان بالبصرة".

الثاني: أخرجه الطحاوي بعينه في باب: الصلاة الوسطى.

وأبو عاصم هو الضحاك بن مخلد.


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ١٠٤ رقم ٧٠٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>