للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا} (١) الآية وآيتين بعدها إلى المسلمين، ثم يقول: اللهم أنت الملك ... " إلى آخره.

قوله: "وجهت" أي قصدت بعبادتي الذي فطر السماوات والأرض أي خلقهما، وقيل: معناه أخلصت ديني وعملي.

قوله: "حنيفًا" أي مستقيمًا مخلصًا، وقال أبو عُبيد: الحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم - عليه السلام -، ويقال: معناه مائلًا إلى الدين الحق وهو الإِسلام، وأصل الحنف الميل، ويكون في الخير والشر، ومنه يصرف إلى ما تقتضيه القرينة، والنسبة إليه: حنيفي، وأما الحنفي بلا ياء فهو الذي ينسب إلى أبي حنيفة في مذهبه، حذف ها هنا الياء ليكون فرقًا بينهما، وانتصابه على أنه حال من الضمير الذي في: "وجهت" أي حال كوني في الحنيفية.

قوله: "مسلمًا" حال أيضًا, وليس هذا في رواية مسلم وأبي داود.

قوله: "وما أنا من المشركين" بيان للحنيفية وإيضاح لمعناه، والمشرك يطلق على كل كافر من عابد وثن وصنم، ويهودي، ونصراني، ومجوسي، ومرتد، وزنديق وغيرهم.

قوله: "إن صلاتي" يعني عبادتي، و"نسكى" يعني تقربي كله، وقيل: وذبحي، وجمع بين الصلاة والذبح كما في قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (٢) وقيل: صلاتي وحجي.

وأصل النسك: العبادة، من النسيكة وهي الفضة المذابة المصفاة من كل خلط، والنسيكة أيضًا كل ما يتقرب به إلى الله -عز وجل-.

قوله: "ومحياي ومماتي" أي وما آتيه في حياتي وأموت عليه من الإيمان والعمل الصالح خالصة لوجهه لا شريك له، وبذلك الإخلاص أمرت في الكتاب، وأنا أول المسلمين.


(١) الأنعام، آية: [١٦٢، ١٦٣].
(٢) الكوثر، آية: [٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>