فإن قيل: فعلى ما ذكرت تكون درجة النبي - عليه السلام - في جملة درجات الأعلَين فلا يحصل له مزية على غيره.
قلت: كلمة "في" ها هنا بمعنى "على" كما في قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}(١) أي على جذوع النخل والمضاف محذوف، وتقدير الكلام: واجعل له درجته على درجات الأعلين. ويمكن أن يكون هذا جمع أعلى الذي هو المكان الأعلى من غيره، ويكون جمعه كجمع أدْنَون ونحوه، ويكون المعنى حينئذ: اجعل له درجته على الأماكن العالية التي ليس عليها مكان لأحدٍ. فإن قيل: شرط هذا الجمع أن يكون فيه ضمة قبل الواو في حالة الرفع، وكسرة قبل الياء في حالة الجرِّ والنصب، وها هنا ليس كذلك؛ لأن "اللام" من الأعلين مفتوحة، والحال أنه مجرور.
قلت: هذا مكسور وحكمه أن تكون الضمة والكسرة مقدرتين في حالتي الجر والنصب في الألف المحذوفة لألتقاء الساكنين، فافهم.
قوله:"وفي المصطفين" بفتح الفاء وهو جمع مصطفى فهو أيضًا يكون بالواو حالة الرفع وبالياء حالتي النصب والجر، تقول: جاءني المصطفون، ورأيت المصطفين ومررت بالمصطفين. فالكسرة التي يجب أن تكون قبل الياء في الحالتين مقدرة ها هنا أيضًا كما في الأعلين، والمصطفى المختار، من الصفوة، وأصله مُصْتفى بالتاء ولكنها قلبت طاء لأن "الصاد" من المجهورة و"التاء" من المهموسة فلا يتفقان.
وفيه: استحباب هذا الدعاء عند تشهد المؤذن في أذانه، وإثبات الشفاعة ردًّا على من أنكرها، وجواز دعاء أحد لأحد والطلب له من الله تعالى ما يليق له من الفضائل والفواضل.
ص: حدثنا عبد الرحمن بن عَمرو الدمشقي، قال: ثنا علي بن عياش، قال: ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: "كان