طَفقتُ أَلثمُ كفّيْها وقد جنحت ... إِليَّ تَضحكُ بين العُجْب والعَجَبِ
ثم افترقنا وقد ساءت حَفائظنا ... إن اجْتَمَعْنا ولم نَأثمْ ولم نحب
لله مِثليَ ما أدنى سَجيتَه ... من المعالي وأَنآها من الرِّيَبِ
كَمْ مأثمٍ مُستلذٍ قد هَمَمْتُ به ... فلم يَدعني له ديني ولا حَسَبِي
وقد كرّر أبو جعفر هذا المعنى أيضا حيث يقول:
سَرَتْ وَقَدْ وَقَعَ السّاري بجانبه ... والشمسُ تَضْربُ دُهْمَ اللّيل بالبلقِ
بَدْرٌ لمُلتَمِسٍ، غُصنٌ لِمُعْتَنِقٍ ... خَمرٌ لمغتَبقٍ، مِسْكٌ لمُنَتِشِقِ
وَأَقْبَلَتْ تَحسبُ الظّلْمَاءَ تَكْتُمها ... وقَدْرَمَتْها نُجُومُ الليل بالحَدَقِ
والصُّبْحُ يَقْدَحُ في الظلماءِ نائرةً ... كأنها نفْثةُ المصدُورِ عنْ حَنَقِ
والشرق يَفْهَقُ والآفاقُ وَاردةٌ ... وأَنْجُمُ الليلِ قد أَيْقَنّ بِالغَرقِ
كأنَّما الروضُ أهْداها وَشِيعَهَا ... فاستصحبت لمةً من طيب العَبَق
تَتَوَّجَتْ بِالدُّجى فَالشَّعْرُ مِنْ غَسَقٍ ... والخدُّ من شَفَقٍ والثّغر من فَلَقِ
أَلْهُو بِمِسْكِ شَذَاها لا أُحَاوِلُ مَا ... وَرَاءَ ذاكَ وَلَوْ حَاوَلْتُ لَمْ أُطِقِ
فَبِتُّ أَحْسِبُ أنِّي قَد طرقتُ بِها ... رَوْضاً شَمَمْتُ لها طيباً ولم أَذُقِ
وعلى هذا الروي أثبت هنا لأبي الحسن بن الزقاق بعض قصيدة له:
زارتك من رقْبةِ الواشي على فَرَق ... حتى تبدَّى وميضُ المرهَفِ الذَّلِق