فنَفسي التي أبْكي، وإنْ كنْتُ باكِياً ... عَليها، فدَمْعي قدْ تقسَّمَ أَدْمُعا
دَعَتْها المنَايا فاسْتَجابَتْ دُعَاءها ... سريعاً وداعِي الموتِ أسرعُ منْ دَعاَ
فَخِلْتُ عَلَيَّ الأَرضَ حَتَّى كأنّما ... حرامٌ على الأجْفانِ أنْ تتطلَّعا
وحَتْمٌ عليْها أنْ تَصُوبَ فما هَمَتْ ... على مُمْحِلٍ إلاَّ وأَصْبَحَ مُهْرَعَا
بَكى بَعْدَها المِحْرابُ شَوْقاً لقربها ... وروَّضَ منْها التُّرْبُ خِصْباً فأيْنَعَا
وصلَّى عليها كاتِبا ها وصَحْبُها ... وجيرَتُهَا شيْخاً وكهلاً ومُرْضِعاً
سأُثْني عليها بالِّذي هيَ أَهْلُهُ ... فإنَّ ثنائي طابَ قيلاً ومَسْمَعاَ
وما المدحُ والتَّأبينُ ممَّا يَرُدُّهَا ... ولكنَّهُ قدْ صار مَبْكى ومجْزَعَا
عليكِ سلامٌ لا تلاقي بينَنا ... سلاَمُ امرئٍ أمْسى بِفَقْدِكِ موجِعاَ
وله يرثي ابنين لأبي الحجاج يوسف بن مطروح من خطه أيضا:
قِفْ بِرَبْعِ الأسى وُقُوفَ الطَّليح ... وشِبِ الدَّمْعَ بالدّمِ المَسْفوحِ
واقضِ منْ واجِبِ البُكاء فَعَيْنَا ... كَ تَجُودانِ عنْ فُؤادٍ قريحِ
إنَّ شدْوَ الزَّمانِ نوْحُ الثَّكَالى ... وحُمَيَّاهُ كلُّ دمْعٍ سفوحِ
وسيفْنى كما فنينا ويلْقى ... مالَقينا منْ فُرْقَةٍ ونُزُوحِ
وتَغُولُ المنُونُ مِنَّا أناساً ... ذهَبُوا إذْ مَضَوا بجِسْمي ورُوحِي